للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوع آخر في بيع الحيوانات

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : ولا يجوز بيع السمك في حظيرة لا يستطيع الخروج منها إذا كن لا يؤخذن إلا بصيد، وإن كن يؤخذن بغير صيد جاز البيع، والمشتري بالخيار إذا رآهن، يجب أن يعلم بأن هذه المسألة على وجهين: إما إن اجتمعن فيها باحتياله واصطيادهن، ثم أرسلهن في الحظيرة، وفي هذا الوجه إن كان لا يقدر على أخذهن من غير احتيال جاز بيعهن؛ لأن ملكهن بالاصطياد، فقد باع ملكه، وهو قادر على التسليم، فيصح كما لو باع عبداً له قد أرسله في حاجته، وإن اجتمعن في الحظيرة لا باحتياله واصطياده لا يجوز بيعهن أمكن أخذهن من غير اصطياد واحتيال، أو لم يمكن؛ لأنه لم يحرزهن فلم يملكهن، فقد باع ما ليس بمملوك له.

فرع على هذا الفصل

وهو ما إذا اجتمعن في الحظيرة لا باحتياله واصطياده، فقال: لو سد موضع دخول الماء، فصرن بحالة لا يستطعن الخروج عنها لا يجوز البيع عند بعض المشايخ؛ لأنه لم يملكها؛ لأن هذا القدر ليس بإحراز فهو بمنزلة طير طار في بيت إنسان، فسد الباب والكوة، وهناك لا يصير محرزاً له بهذا القدر ما لم يأخذه كذا ههنا، ولا ملك بدون الإحراز، فإنما باع ما لا يملك فلا يجوز.

وعند بعض المشايخ: يجوز البيع إذا أمكن أخذهن من غير اصطياد؛ لأنه بما فعل صار آخذاً لهن حكماً، فصرن ملكاً له بمنزلة ما لو وقع في شبكته، فيجوز بيعه، وهذا الخلاف إذا لم يهيء الحظيرة لاصطياده، فأما إذا هيأها ملكهن بلا خلاف، فيجوز بيعهن.

وفي كل موضع جاز بيع السمك في الماء، فإذا قبضه المشتري ورآه فله الخيار؛ لأنه اشترى ما لم يره، وإذا أخذ سمكة وجعلها في حب ماء فالجواب فيه على التفصيل الذي قلنا في الحظيرة: إن كان يقدر على أخذها من غير اصطياد جاز بيعه، وإن كان في الحظيرة سمك وقصب باع السمك والقصب جملة، فإن كان لا يمكن أخذ السمك إلا بصيد، فالبيع فاسد في الكل اصطاد السمكه قبل ذلك أولا، أما في السمك؛ فلأنه باع ما لا يقدر على تسليمه، وأما في القصب فلجهالة الثمن؛ لأن قيمة السمك مجهولة لا يدرى إذا كان لا يؤخذ بغير صيد، وجهالة قيمة السمك توجب جهالة حصة القصب، فيفسد البيع في القصب بجهالة الثمن، وإن كان يمكن أخذ السمك من غير صيد إن لم يكن اصطاد السمك قبل ذلك فالبيع فاسد في السمك وهل يفسد في القصب؟ قالوا: (٥١أ٣) على قياس قول أبي حنيفة: يفسد؛ لأن قبول العقد في السمك يصير شرطاً لقبوله في القصب إذا كانت الصفقة واحدة، وقبول العقد في السمك شرط فاسد، فيفسد العقد في القصب، وعلى قياس قولهما لا يفسد؛ لأن قيمة السمك معلومة إذا كان يؤخذ بغير صيد، فيكون حصة القصب معلومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>