ويكون له فيه الخيار، فليس للبائع أن ينقضه، وإذا كان البيع بالتولية أو برقمه، ولا يعلم رأس ماله فهو بمنزلة البيع الفاسد في حكم الضمان، وفي حكم النقض إلا أنه يخالف البيع الفاسد من وجه. وفي البيع الفاسد إذا قال البائع: لا أتم البيع لا يجبر عليه فهاهنا لو قال البائع: لا أخبرك بالثمن يجبر عليه.
وفي «الإملاء» عن أبي حنيفة: إذا قال لغيره: بعتك هذا الطعام كل كر بمئة درهم، فإنما وقع البيع في كر فإن كال المشتري أو البائع الطعام، وعرف المشتري كيله كله فله أن يرضاه ويأخذه كله كل كر بمئة درهم، وليس للبائع أن يمتنع منه، وهذا رواية محمد عن أبي حنيفة، وروى أبو يوسف عنه: أنه لا يجوز العقد فيما زاد على الكر الا بتراضيهما؛ لأن العقد لما وقع فاسداً لجهالة الثمن أوجب ذلك خيار الفسخ لكل واحد منهما، فلا يلزم إلا بتراضيهما، وإن لم يرضَ به المشتري بعد ما علم بكيله باع البائع ما بقي من الطعام من رجل آخر، ثم قال المشتري الأول بعد ذلك: رضيت بالطعام كله لم يلتفت إلى رضاه، وكان له من الطعام كر والباقي للمشتري الآخر.
وإذا باع جراباً من بر قال: بعتك هذا الجراب بخمسين درهماً، فالبيع فاسد في الكل، فإن عد البائع الثياب، وعرف المشتري عددها فقال: رضيته بذلك، فليس للبائع أن يمتنع عنه، وجاز البيع للمشتري.
وفي «المنتقى» : رجل اشترى من آخر مئة جوزة كبيرة بثمن معلوم، فلما عدها له البائع قال: لا أرضى، فليس له في ذلك، ولو اشترى من قصاب كذا رطلاً من لحم بدرهم، فقطع القصاب اللحم ووزنه، وهو ساكت حين قطعه ووزنه، ثم قال: لا أرضى فله ذلك حتى يقول بعد الوزن: رضيت، قال: ولا يشبه هذا الجوز وأشار إلى العلة فقال: لأن الجوز شيء واحد والله أعلم.
روى الحسن عن أبي حنيفة فيمن قال لغيره: بعتك نصيبي من هذا الطعام، ولم يبين كم هو فالبيع باطل، وإن بيّنه بعد ذلك، وهو قول زفر.