أحدهما: أن فيه غرر، فإنه لا يدري ما في الضرع أنه لبن أو دم أو ريح.
والثاني: أن البيع يتناول اللبن الموجود حالة العقد لا ما يحدث، فإنه يحدث ساعة فساعة فما يحدث بعد البيع يختلط بالمبيع خلطاً يتعذر تمييزه، فيصير قدر المبيع مجهولاً جهالة تفضي إلى المنازعة مكايلة، فالمعنى الأول، وكذلك لا يجوز بيع الولد في البطن؛ لأن فيه غرراً، فإنه لا يدري أن ما في البطن ريح أو ولد، وكذلك لا يدري (٥٧أ٣) أنه حي أو ميت.
ولو باع الحنطة في سنبلها جاز بخلاف الولد في البطن واللبن في الضرع، ولا فرق بينهما من حيث الصورة؛ لأن وجود الحنطة في السنبل ثابت من حيث الظاهر، وإذا لم يكن بالسنبل آفة، وكذا وجود الولد في البطن، ووجود اللبن في الضرع ثابت من حيث الظاهر إذا لم يكن الانتفاخ لعلة.
وإنما جاز الفرق؛ لأن في الوصفين الموجود وإنما كان ثابتاً إلا أنه بعد ما يثبت الوجود من حيث الظاهر تمكن في الولد واللبن غرراً آخر، وهو العذر في كونه مالاً، فإنه لا يدري أن الذي في البطن حي أو ميت، ولا يدري أن في الضرع لبن أو دم، وفي السنبلة متى يثبت الوجود من حيث الظاهر لا يتمكن العذر في كونه مالاً أو غير مال؛ لأن الحنطة على أي صفة ما كانت كان مالاً.
هذا إذ باع حنطة في سنبلها، فأما إذا باع حنطة مكايلة، وله حنطة في سنبلها جاز البيع أيضاً؛ لأن الحنطة أيضاً موجودة في ملكه.
ولو اشترى تبن تلك الحنطة قبل الكدس لا يجوز، وكذا بيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز؛ لأن فيه غرراً؛ لأنه يحدث ساعة فساعة، وما يحدث ملك البائع، فيختلط المبيع بغير المبيع على وجه يتعذر التمييز ولا يدري قدر ما دخل تحت العقد، فيصير المعقود مجهولاً، وبعض مشايخنا قالوا: ما ذكر من الجواب قول محمد أما على قول أبي يوسف: ينبغي أن يجوز البيع على قياس مسألة ذكرها في كتاب الصلح.
صورتها: إذا ادعى الرجل في يد رجل غنماً، فصالح من في يديه الأغنام على صوف على ظهرها جاز الصلح عند أبي يوسف خلافاً لمحمد، ومنهم من قال: ما ذكر من الجواب في البيع قول الكل، وهذا القائل يحتاج إلى الفرق لأبي يوسف بين مسألة البيع وبين مسألة الصلح.
والفرق: أن طريق جواز الصلح في تلك المسالة استيفاء بعض الحق وترك البعض، فأمكن تجويز هذا الطريق؛ لأن الصلح يجوز بدون الحق، وإنما يتحقق التجوز بدون الحق باستيفاء البعض وترك البعض، فأما البيع فتمليك ابتداء، والصوف على ظهر الغنم لا يقبل التمليك ابتداء.
وقد ذكرنا قبل هذا أن بيع شاة على ظهرها صوف بصوف منفصل بطريق الاعتبار جائز بلا خلاف، وبدون الاعتبار على الخلاف عند بعض المشايخ، وإنما قوائم الخلاف، وسعف النخل، اختلف المشايخ فيه منهم: من لم يجوز بيعه، ومنهم: من جوز بيعه، وذكر أبو الحسن الكرخي في كتابه جوازه، وروي الحسن بن زياد عن أصحابنا