جوازه، ومن لم يجوزه من المشايخ اختلفوا فيما بينهم في العلة، بعضهم قالوا: لأنه يزيد ساعة فساعة، فيختلط المبيع بغير المبيع على وجه يتعذر تمييزه، فكان نظير بيع الصوف على ظهر الغنم، وبعضهم قالوا: لأن موضع القطع مجهول، ومن جوز بيعه من المشايخ يجيب عن الأول ويقول: بأن القوائم تزيد من الأعلى.
ألا ترى أنا إذا جعلنا على موضع القطع علامة، فإذا مضى زمان فالعلامة لا تعلو بل يبقى في موضعه، فتكون الزيادة حاصلة من ملك المشتري بخلاف الصوف؛ لأن الصوف ينمو من أسفله، ألا ترى أنك إذا حصفت أسفله، ومضى زمان فالحصاف يعلو، فالزيادة إنما يحدث من ملك البائع، فيكون للبائع وقد اختلط بالمبيع، ولا يدري قدره، فيصير قدر المبيع مجهولاً، ويجيب عن الثاني، ويقول: إن كان موضع القطع مجهولاً، فهذه جهالة لا توقعهما في المنازعة، وإذا باع الصوف على ظهر الشاة، ثم إن البائع جز الأصواف، واختار المشتري أخذها بالبيع، روى بشر عن أبي يوسف أنه ليس ذلك له إلا أن يستقبل البيع عن تراض بينهما.
وروى هشام عن محمد هذه المسألة بعبارة أخرى فقال: إن ينفذه البائع دفعه إلى المشترى لم يجز، ولا يجوز بيع الؤلؤة في الصدف.
وروي عن أبي يوسف: أنه يجوز؛ لأن الصدف لا ينتفع به إلا بالشق، فأمكن تسليم المعقود عليه من غير ضرر، وجه ظاهر الرواية: أنه لا يمكن المعقود إلا بالشق، والشق شيء زائد لم يوجبه العقد، وإذا باع حب قطن في قطن بعينه، أو باع نوى تمر لا يجوز، وأشار أبو يوسف إلى الفرق بين هذا وبينما إذا باع الحنطة في سنبلها، فقال: لأن الغالب في السنبل الحنطة ألا ترى أنك تقول: هذه حنطة وهي في سنبلها، ولا يقول: هذا حب وهو في القطن؟ وإنما يقول: هذا قطن وكذلك في التمر.
وفي «نوادر هشام» عن محمد: إذا باع البذر الذي في البطيخ ممن يريد البذور، ورضي صاحب البطيخ أن يقطع له البطيخ، فالبيع باطل.
وكذلك إذا باع خد السمسم وزيت الزيتون لا يجوز، فإن سلم البائع ذلك لم يجز هكذا ذكر القدوري في «شرحه» قال: ولا يشبه هذا الجذع، يريد به أن من باع الجذع في السقف لا يجوز، ولو نزعه البائع وسلمه إلى المشتري جاز البيع.
والفرق: أن الجذع غير مال في نفسه، وإنما ثبت الاتصال بينه وبين غيره تعارض إلا أنه عد عاجزاً حكماً لما فيه إفساد بناء غير مستحق بالعقد وفيه ضرر، فإذا قلع والتزم الضرر زال المانع، فأما خد السمسم وزيت الزيتون فهو معدوم، فلا يكون محلاً للبيع وبذر البطيخ والنوى في التمر، وإن كان موجوداً إلا أنه متصل به اتصال خلقة، فكان بائعاً له فكان العجز عن التسليم هناك معنى أصلياً؛ لأنه اعتبر عاجزاً حكماً لما فيه من إفساد شيء غير مستحق بالعقد.
وفي «نوادر ابن سماعة» قال: سألت محمداً عمن باع فصاً في خاتم أوجذعاً في سقف، وذلك لا ينتزع لا بضرر أيملك المشتري، أو هو موقوف لا يملكه المشتري ما دام للبائع فيه خيار إن شاء سلم، وإن شاء لم يسلم، أشار الى ما قبل القلع، فإذا صار