للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسمائة له على فلان أو بخمسمائة إلى العطاء فسد البيع في الكل ذكره القدوري في «شرحه» .

وفي «المنتقى» : رجل اشترى داراً أو طريقاً من طرق المسلمين محدودة معلومة يعني جمع بين الدار وبين طريق المسلمين في البيع، فاستحق بعدما قبضهما المشتري، فإن شاء المشتري رد الدار، وإن شاء أمسكها إذا كان الطريق مختلطاً بالدار، فإن كان مميزاً لذمته الدار بحصتها ولم يكن له الخيار، وإن كان الطريق ليس بمحدود لا يعرف قدره فسد البيع، ولو كان مكان الطريق مسجد خاص يجمع فيه، فالقول فيه مثل الطريق المعلوم، وإن كان مسجد جماعة فسد البيع كله؛ لأن بيع المسجد الجامع لا يجوز ولا يحل، وكذلك إذا كان مهدوماً أو أرضاً ساحة لا بناء فيها بعد أن يكون الأصل مسجد جامع.

نوع آخر في شراء ما باع بأقل مما باع

يجب أن يعلم أن شراء ما باع الرجل بنفسه أو بيع له بأن باع وكيله بأقل مما باع ممن باع أو ممن قام مقام البائع كالوارث قبل نقد الثمن لا يجوز إذا كانت السلعة على حالها لم ينتقض بعيب، وكذلك إن بقي عليه شيء من ثمنه وإن قل، أما إذا اشترى ما باع بنفسه، فللحديث المعروف، ولأجل شبهة الربا؛ لأن بين الثمن الثاني وبين الثمن الأول شبهة المقابلة من حيث إن العقد الثاني أوجب تأكيد الثمن الأول؛ لأن الثمن الأول كان بعرض السقوط بالرد وهذه العرضية تزول بالبيع الثاني.

فهو معني قولنا: إن البيع الثاني يوجب تأكيد الثمن الأول، وللمؤكد حكم الموجب حتى أن شهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا ضمنوا نصف الصداق؛ لأنه كان بعرض السقوط بالفرقة الجائية من قبلها، فهم بإضافة الفرقة إلى الزوج أزالوا تلك العرضية وأكدوه، فكانوا كالموجبين له كذا ههنا، وإذا ثبت أن البيع الثاني مؤكد للثمن الأول، وللتأكيد حكم الإيجاب كان وجوب الثمن الأول مضافاً إلى العقد الثاني موجباً الثمن الأول حكماً، والثمن الثاني حقيقة، فكان بينهما شبهة المقابلة من حيث إن وجوبها مضاف إلى عقد واحد في حالة واحدة، ولو ثبت بينهما حقيقة المقابلة يثبت شبهة الربا بخلاف ما بعد قبض الثمن؛ لأن هناك العقد الثاني أوجب تأكيد الثمن الأول؛ لأن الثمن الأول صار موكداً بالقبض، ولم يبق له عرضية السقوط قبل العقد الثاني، فلم يكن تأكيداً له.

وأما إذا اشترى ما بيع له بأن باع وكيله لا يجوز أيضاً، فقد جعل الموكل بائعاً بيع الوكيل حتى لم يجز شراؤه ما باع وكيله بأمره بأقل مما باع قبل نقد الثمن، وأبو حنيفة رحمه الله لم يجعل الموكل مشترياً بشراء الوكيل حتى قال: لو باع الرجل شيئاً بنفسه، ثم وكل رجلاً بأن يشتري له ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن، فاشتراه الوكيل، فإنه يجوز عند أبي حنيفة خلافاً لهما.

والفرق لأبي حنيفة: أن شراء الموكل منعقد ونافذ بدون التوكيل، ولهذا اشترى بدون التوكيل نفذ عليه، وصار الملك له، فلم يكن التوكيل محتاجاً إليه لانعقاد شراء

<<  <  ج: ص:  >  >>