للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد بذلك أنها يعمل في المستقبل عشرين، فالعقد فاسد؛ لأن هذا شرط بشيء هو منتفع، وفي وجوده غرر، وإن أطلق ولم يفسر، ولم يرد به شيئاً فالعقد فاسد، وهو محمول على المستقبل؛ لأن مراد الناس من هذا في عرفهم وعاداتهم المستقبل فيحمل عليه.

وفي «فتاوي أهل سمرقند» : اشترى من آخر سكنى له في حانوت مركباً بمال معلوم، وقد أجبره بائع السكنى أن آجره هذا الحانوت بسنة، فإذا ظهر أن أجرته عشرة ليس له أن يرد على البائع، وإن لم يسلم له شرطه؛ لأنه إنما لم يسلم له شرطه في غير المشتري، قال: وللمالك أن يكلف المشتري رفع السكنى، وإن كان على المشتري ضرر؛ لأنه شغل ملكه.

قال محمد رحمه في «الأصل» : إذا اشترى الرجل من آخر طعاماً بطعام أو بغيره مما يكال أو يوزن، واشترط عليه أن يؤمن إياه في منزله، أو شرط عليه أن يحمله إلى منزله فهذا على وجهين:

إما إن اشتراه في المصر أو خارج المصر، وقد اشتراه بمثله من جنسه، أو بخلاف جنسه، وفيما إذا شرط عليه الحمل إلى منزله، فإن البيع يفسد اشتراه في المصر أو خارج المصر اشتراه بجنسه وبخلاف جنسه؛ لأنه شرط في البيع ما لا يقتضيه البيع؛ لأن حمل البائع المبيع إلى منزل المشتري ليس من قضايا البيع.

ألا ترى أن بدون الشرط لا يوجب على البائع الحمل إلى منزل المشتري؟ وإنما يجب عليه التسليم في مكان العقد إذا كان المبيع فيه.

فهو معنى قولنا: إنه شرط ما لا يقتضيه العقد، وللمشتري فيه منفعة، ومثل هذا الشرط يوجب فساد البيع، وإن شرط الإيفاء في منزله أن اشتراه خارج المصر، ومنزله في المصر، فالعقد فاسد سواء اشتراه بجنسه أو بخلاف جنسه؛ لأنه شرط في البيع ما لا يقتضيه البيع؛ لأن البيع يقتضي التسليم في مكان المبيع إذا كان المبيع فيه، ومتى كان العقد خارج المصر لا يكون منزله في المصر مكان العقد في حق الإيفاء لا حقيقة، وهذا ظاهر، ولا حكماً؛ لأن خارج المصر لم يجعل كمكان واحد في حق الإيفاء شرعاً.

ألا ترى أن في باب السلم لو شرط الإيفاء في المصر، فأراد المسلم إليه أن يسلم خارج المصر ليس له ذلك، ولا يجبر رب السلم على القبول، فأما إذا اشتراه في المصر، وشرط الإيفاء في منزله في المصر، إن اشتراه بجنسه بأن اشتراه بحنطة، فإن العقد فاسد لقوله: عليه الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل والفضل رباً فقد جعل الفضل على المماثلة من حيث الكيل رباً بلا فصل بين فضل وفضل، فهو على الكل وقد شرط المشتري فضلاً لنفسه وهو الإيفاء في منزله.

فأما إذا اشتراه في المصر بخلاف جنسه وشرط الإيفاء في منزله، ومنزله في المصر، القياس: أن يكون البيع فاسداً، وبالقياس أخذ محمد رحمه الله.

وفي الاستحسان: أن البيع جائز وبه أخذ أبو حنيفة وأبو يوسف.

وجه القياس في ذلك: أنه شرط في العقد ما لا يقتضيه العقد، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة، فيفسد العقد كما لو اشتراه خارج المصر، أو اشتراه في المصر بجنسه، أو شرط الحمل إلى منزله بيان العقد يقتضي تسليم البيع في مكان البيع إذا كان المبيع فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>