للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزل المشتري ليس مكان العقد حقيقة، وهذا ظاهر، وكذلك حكماً؛ لأن خارج المنزل مع المنزل لم يجعل في حكم مكان واحد في حق الإيفاء شرعاً.

ألا ترى أن باب السلم لو شرط الإيفاء في منزل رب السلم، فأراد المسلم إليه أن يسلم خارج المنزل ليس له ذلك، فكان اشتراط الإيفاء في منزله اشتراط الإيفاء في غير مكان العقد والعقد لا يقتضيه ذلك.

وجه الاستحسان: أن شرط في البيع ما يقتضيه البيع؛ لأن شرط الإيفاء في مكان البيع والمصر مع اختلاف أماكنها جعل كمكان واحد في حق الإيفاء، أصله مسألة السلم، فإن في باب السلم إذا شرط الإيفاء في المصر جاز، وإن لم يبين محله من المصر، وهذا تبين لك أن المصر كله جعل كمكان واحد في حق الإيفاء، واذا صار هكذا صار منزله مكان العقد حكماً في حق الإيفاء، واشتراط الإيفاء في مكان العقد مما يقتضيه العقد، وأما إذا شرط الحمل إلى منزله، فهناك شرط ما لا يقتضيه العقد؛ لأن العقد لا يوجب الحمل إلى منزل المشتري.

وأما إذا اشترى خارج المصر هناك شرط ما لا يقتضيه العقد؛ لأنه الإيفاء في غير مكان العقد على ما مر، وأما إذا اشتراه بجنسه قلنا: هناك شرط ما لا يقتضيه العقد؛ لأن منزله ليس مكان العقد في حق الإيفاء متى حصل الشراء بجنسه، وهذا لأن منزله مكان العقد في حق الإيفاء حكماً لا حقيقة؛ لأن العقد لم يوجد في منزله حقيقة فاعتبرنا مكان العقد في حق الإيفاء متى حصل الشراء بخلاف الجنس عملاً بالحكم، ولا يعتبر مكان العقد في حق الإيفاء متى حصل الشراء بالجنس عملاً بالحقيقة، وإنا فعلنا هكذا؛ لأنا لو عملنا بالحقيقة متى حصل الشراء بالجنس وبينا الربا يلزمنا العمل بالحقيقة متى حصل الشراء بخلاف الجنس؛ لأن اختلاف الجنس أنفى للربا من اتفاق الجنس، فحينئذ يتعطل العمل بالشبهين فعملنا على الوجه الذي قلنا ليمكننا العمل بالشبهين.

وفي «الزيادات» : إذا اشترى وقر حطب في المصر، فعلى البائع أن يأتي به إلى منزله للمشتري، ولو هلك في الطريق يهلك من مال البائع، وإنما يجب على البائع ذلك؛ لأن الإتيان به إلى منزل المشتري مشروط عرفاً، ولكن يجعل المشتري شارطاً الإيفاء في منزله لا شارطاً الحمل؛ لأن شرط الحمل يفسد العقد، وشرط الإيفاء لا يفسد العقد عند أبي حنيفة وأبي يوسف.

وفي «فتاوى أبي الليث» : رحمه الله أن التفاوت بين لفظة الحمل والإيفاء في العربية، فأما في الفارسية فلا تفاوت ففي كل موضع جاز شرط الإيفاء بالعربية يجوز شرطهما بالفارسية، ولو اشترى حطباً في قرية من رجل شراءً صحيحاً، وقال: موصولاً بالشراء من غير شرطه في الشراء: احمله إلى منزلي لا يفسد العقد؛ لأن هذا ليس بشرط في البيع بل هو كلام ابتداءً بعد تمام البيع، فلا يوجب فساد البيع.

في «فتاوي أهل سمرقند» : إذا اشترى حصانه حرف على أن يحرزه البائع جاز؛ لأنه عمل الناس، وكذا اشترى من خلقائي ثوب، وبه خرق على أن يخيطه، ويجعل عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>