للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرقعة (٦٢ب٣) لما ذكرنا، وإذا اشترى من كرباسي كرباساً على أن يقطعه قميصاً، أو يخيطه لا يجوز؛ لأنه لا يعامل في هذا، وإذا اشترى داراً، وشرط مع الدار الفناء ذكر في «الواقعات» أن البيع فاسدٌ؛ لأن الفناء لا يصير مملوكاً للمشتري، فكان هذا شرطاً فاسداً في بيع الدار.

وفي «بيوع المنتقى» : إذا باع الرجل داراً وكتب بحقوقها وقفاً بها قال أبو حنيفة: العقد فاسد، قال ابن سماعة: إن البيع جائز، قال: وليس هذا عندنا على معنى التمليك منه للفناء، وقد علم الناس لا يبيعه الرجل من داره.

نوع آخر في شرط الأجل

إذا شرط الأجل في المبيع.... المواضع أجمع لكونه مغيراً لمقتضى العقد، وإنما جوزناه تيسيراً للأمر على الناس، وتخفيفاً عليهم ليكتب من له الأجل في مدة الأجل، فيؤدي عند محل الأجل، وهذا المعنى يتحقق في الديون لا الأعيان، فبقي الأجل في الأعيان على أصل القياس، وإنما كان الأجل المجهول في الدين مفسداً للعقد؛ لأن الجهالة في الأجل يفضي إلى منازعة مانعة من التسليم والتسلم، ومثل هذه الجهالة تفسد العقد، والأجل المجهول أن يبيع إلى الحصاد والدياس؛ لأن وقت الحصاد والدياس يتقدم في البلدان، ويتأخر في البعض، فالبائع يطالب المشتري بالثمن محتجاً عليه بدخول وقت الحصاد في بعض المواضع، والمشتري يمتنع عن الأداء محتجاً بعدم دخول وقت الحصاد في بعض المواضع فيتنازعان، وكذا إذا باعه إلى وقت قدوم الحاج؛ لأن قدوم الحاج قد يتقدم وقد يتأخر؛ لأن ذلك فعلهم.

وكذلك إذا باعه إلى وقت خروج العطاء؛ لأن خروج العطاء قد يتقدم وقد يتأخر، وما روت عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تخير إلى خروج العطاء، فتأويله عندنا أن الخلفاء في زمانها كانوا لا يخلفون الميعاد، فكان لا يتقدم خروج العطاء ولا يتأخر حتى أن في زماننا لو لم يتقدم ولم يتأخر نقول بالجواز أيضاً.

وكذلك إذا باع إلى صوم النصارى؛ لأن صومهم قد يتقدم وقد يتأخر، فإن كانوا دخلوا في الصوم، فباع إلى فطرهم جاز؛ لأنه لما عرف ابتداء وقت الصوم ومدته معلوم صار الأجل معلوماً، وهذا كله إذا حصل البيع إلى هذه الآجال، أما إذا باشر البيع مطلقاً، ثم أن البائع أجل المشتري في الثمن إلى هذه الآجال صح التأجيل رواه ابن سماعة عن محمد رحمه الله، فصار نصاً، وهذا لأن الأجل إذا لم يكن مشروطاً في البيع لا يكون من نفس البيع، وكان تأثير الأجل في تأخير المطالبة إلى هذه الآجال، وتأخير المطالبة إلى هذه الآجال صحيحة في الكفالة، وإن أجله إلى شهر الريح فهو باطل، وإن قال في رجب: أجلتك إلى رجب القابل، وإن قال: إلى انسلاخه قال: انسلاخ هذا الرجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>