للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم في باب البيع من له الأجل إذا أسقط الأجل قبل دخول وقت الحصاد والدياس انقلب العقد جائزاً استحساناً عند علمائنا الثلاثة خلافاً لزفر والشافعي، وعلى هذا الاختلاف إذا باع بشرط الخيار إلى الأبد حتى فسد العقد بلا خلاف، ثم إن من له الخيار أسقط الخيار قبل مضي الثلاث ينقلب العقد جائزاً عند أبي حنيفة، وعندهما في أي وقت أسقط الخيار ينقلب العقد جائزاً، وعلى هذا إذا باع بشرط الخيار أربعة أيام حتى فسد العقد عند أبي حنيفة، ثم إن من له الخيار أسقط الخيار قبل مضي الثلاث ينقلب العقد جائزاً، واختلفت عبارة المشايخ في جنس هذه المسائل.

فعبارة أهل العراق أن العقد فاسد، ويرتفع الفساد بحذف الشرط، ويرفع المفسد، وعبارة أهل خراسان أن العقد موقوف، فإذا مضى جزء من اليوم الرابع في مسألة الخيار، أو دخل وقت الحصاد في بعض البلدان يفسد، وذكر أبو الحسن الكرخي نصاً عن أبي حنيفة في مسألة الخيار أن البيع موقوف على إجازة المشتري في المدة، وأثبت للبائع حق الفسخ قبل الإجازة، ومعنى هذا أن الخيار للمشتري، فيكون ولاية الإلزام له، ولكن لما كان العقد موقوفاً يتمكن البائع من الفسخ؛ لأن كل واحد من المتبايعين يتمكن في فسخ العقد الموقوف.

وأجمعوا ما إذا باع بألف ورطل من خمر، أو باع إلى أن يهب الريح، أو إلى أن تمطر السماء، ثم إن من له الخمر، ومن له الأجل إلى سقط الخمر والأجل لا ينقلب العقد جائزاً، هذا هو المذكور في عامة النسخ، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» في باب البيوع: إذا كان فيها شرط أنه إذا باع بألف ورطل من خمر، ثم اتفقا على إسقاط الخمر أن العقد ينقلب جائزاً، ولكن لا ينفرد أحدهما بالإسقاط بل يشترط اتفاقهما على الإسقاط وفي البيع إلى أجل مجهول ينفرد من له الأجل بالإسقاط.

ومن جملة الآجال المجهول أن يبيع إلى النيروز والمهرجان، وقد ذكر محمد رحمه الله مسألة النيروز والمهرجان في «الجامع الصغير» : وأجاب بالفساد مطلقاً.

وذكر في «الأصل» : وقال: إن كان لا يعرف بأن كان يتقدم ويتأخر لا يجوز كما في الحصاد والدياس، وإن كان معروفاً بالأيام بحيث لا يتقدم ولا يتأخر يجوز، وقد ذكر الكرخي في كتابه قريباً مما ذكر في «الأصل» : فإنه قيد الجواب بالفساد بما إذا كان المتعاقدان لا يعرفان، وفيه وله أحدهما، والصحيح من الجواب في هذه المسألة: أنهما إذا لم يبينا نيروز المجوس أو نيروز السلطان، فالعقد فاسد، وإذا بينا أحدهما وكانا يعرفان وفيه لا يفسد العقد، والبيع إلى الميلاد، فالبيع فاسد، هكذا ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : فإن كان المراد ميلاد البهائم، فالجواب على ما أطلق في الكتاب؛ لأنه مما يتقدم ويتأخر، وإن كان المراد ميلاد عيسى عليه السلام، فما ذكر من الجواب محمول على ما إذا لم يعرفا.

وفيه: إذا باع من آخر شيئاً بألف درهم، وهما ببخارى على أن يوفيه الثمن بسمرقند مثلاً لا يجوز، ولو باعه بألف درهم إلى شهر على أن يوفيه الثمن بسمرقند يجوز سواء كان الثمن شيئاً له حمل ومؤونة أو كان شيئاً لا حمل له ولا مؤونة.

<<  <  ج: ص:  >  >>