للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يتعين بالكيل فكان للكيل حكم القبض؛ لأن الكيل تعين ما ملك غير متعين بالعقد إنما يكون بالقبض، وإذا كان الكيل يعمل هذا العمل كان للكيل حكم القبض، فكان الكيل من تمام القبض من هذا الوجه، ثم في هذه المسائل يحتاج إلى قبضين قبض البائع وقبض المشتري، فكذا يحتاج إلى كيلين.

فإن قيل: إنما أعطي الكيل حكم القبض؛ لأنه تعين ما ملك بالعقد غير متعين وهذا التعين حاصل بكيل البائع لنفسه بحضرة المشتري الثاني، فكان يجب أن لا يحتاج المشتري الثاني إلى كيل آخر كما لو استفاد من أرضه وباعها من آخر مكايلة وكان بحضرة المشتري لا يحتاج إلى كيل آخر.

والجواب عنه أن يقال: بأن الكيل أعطي له حكم القبض فيما بيع مكايلة، وإذا أعطي له حكم القبض يعتبر بالقبض الحقيقي، ففي كل موضع يحتاج إلى قبضين ولا ينوب أحد القبضين عن الآخر لا ينوب أحد الكيلين عن الآخر، وفي كل موضع يكتفى بقبض واحد يكتفى بواحد، وفيما يحتاج إذا استفاده من أرضه لا يحتاج فيه إلى أصل القبض بجواز التصرف، فلا يحتاج فيه إلى الكيل أيضاً.

وإذا اشترى من آخر حنطة مجازفة وباعه بعد ما قبضها من غيره مكايلة، فإنه يكتفى فيه بكيل واحد، وكذا إذا استقرض من رجل كر حنطة على أنه يكتفي بكيل المشتري، وأما كيل البائع المستقرض بحضرة المشتري، وهذا الجواب لا يشكل فيما إذا اشتراها مجازفة وباعها من غيره مكايلة؛ لأن الكيل غير محتاج إليه في حق البائع الثاني لصحة تصرفه؛ لأن الكيل ليس بشرط لتمام القبض، فأما إذا اشترياه مجازفة؛ لأن المعقود عليه غير مشار إليه لا المقر له وإنه متعين قبل الكيل، وإنما يشكل فيما إذا استقرض من آخر حنطة على أنها كر، ثم باعها من غيره بشرط الكيل ويجب أن يحتاج فيه إلى كيلين؛ لأن الاستقراض يملك بعوض، فكان بمنزلة الشراء فيصير القدر معقوداً عليه متى استقرض بشرط الكيل كما لو اشتراه مكايلة.

والجواب: أن الغرض إن كان مبادلة صورة فهو عارية من حيث الحكم والاعتبار؛ لأن ما يرد المستقرض غير المقبوض حكماً لا بدله، إذ لو لم يجعل كذلك كان هذا مبادلة الشيء بجنسه لشبه وإنه حرام، وإن كان رد البدل قائماً مقام رد العين المقبوض من حيث الحكم كان الفرض تمليكاً بغير بدل من حيث الحقيقية كالهبة والوصية لم يحتج فيه إلى الكيل فكذا ههنا، بخلاف الشراء؛ لأنه تمليك بعوض حقيقة وحكماً.

والشرع جعل الكيل من تمام القبض فيما ملك تبعاً بشرط المكايلة، فلهذا احتيج في الشراء إلى الكيل، ولم يحتج إلى الكيل في الاستقراض.

ولو اشترى حنطة مجازفة وباعها من غيره بعدما قبضها مجازفة أو..... حنطة من أرضه أو بالهبة وباعها مجازفة أو ملك حنطة ثمناً على أنه كر وقبضها وباعها مجازفة قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>