أحدهما صح البيع في النصف الذي هو نصيب المجيز، وهذا قول أبي يوسف، وقال محمد وزفر: البيع جائز في ربعها، ولو وهب نصيبه من الدين المشترك للمديون جازت الهبة في نصيبه، ولو وهب نصف الدين مطلقاً تنفذ الهبة كما لو قال: وهب نصف العبد المشترك.
هشام عن محمد في غلام بين رجلين ليسا بشريكين في الأشياء قال: أحدهما لصاحبه وقد وكلتك ببيع نصيبي من هذا الغلام، فباع المأمور نصف هذا الغلام بعد هذا القول ولم يبين أي النصفين هو، ثم مات العبد بعد تسليم المبيع منه، فقال البائع بعد موته: قد بعت نصيبي فالقول قوله.
قال في «الجامع الكبير» : رجل باع عبد غيره بغير أمر صاحب العبد بألف درهم ومثله المشتري، وباعه أخر من رجل بألف درهم بغير أمر صاحب العبد فقبله المشتري الثاني توقف العقدان؛ لأنه لا مزاحمة في التوقف، وإذا بلغ المولى ذلك فأجازهما بنصف العقدان؛ لأن البيعين تعارضا في الحكم، وليس أحدهما بأولى من الآخر والمحل قابل للتنصيف فينصف، فكان لكل واحد من المشترين الخيار؛ لأن كل واحد منهما إنما أقدم على السواء عنه في الكل، ولم يسلم لكل واحد منهما إلا النصف.
وكذلك لو وكل المولى رجلين كل واحد منهما ببيع العبد فباعه كل واحد منهما من رجل على حدة ووقع البيعان جميعاً معاً يحكم بالتنصيف؛ لأنا نعتبر الإذن في الابتداء بالإجازة في الانتهاء بالبيعين بنصف البيعان، فكذا إذا وجد الإذن في البيعين في الابتداء ويخير المشتريان لما قلنا.
وكذلك لو كان الذي ولي البيع فضولياً واحداً والمشتري أهان بأن باع العبد من رجل بألف بغير أمر المولى وباع من آخر كذلك، فبلغ المولى فأجازهما ينصف العقدان، وكان أبو الحسن الكرخي يقول: تأويل المسألة فيما إذا أخرج البيعان معاً بأن قال الذي ولي البيع: بعت من كل واحد منكما جميع هذا العبد من هذا بألف ومن هذا بألف فقبلا جميعاً، ثم أجاز المولى البيعين، فأما إذا حصل ذلك على وجه التعاقب، فالثاني ببعض الأول؛ لأن الفضولي ملتزم العهدة والناس يتعاونون في الوفاء بموجب المعاملة فصار إقدامه على البيع الثاني فسخاً للعقد الأول، والفضولي يملك فسخ العقد الموقوف قبل إجازة المالك، ولهذا لو فسخه صريحاً ينفسخ فيتضمن إقدامه على البيع الثاني فسخاً للبيع الأول، وصار كما لو كان المباشر للبيع الثاني هو المالك، وصار كما لو كان المشتري (٦٨ب٣) واحداً، وأكثر مشايخنا على أن ما ذكر في «الكتاب» : أصح.
ووجهه: أنه لم يوجد من الفضولي فسخ العقد الأول لا نصاً ولا دلالة، أما نصاً فلا شك وكذلك دلالة لما قلنا: أنه لا مزاحمة في التوقف بخلاف ما إذا كان المباشر للعقد الثاني هو المالك أوجب حكم العقد وبين الحكمين تنافي فانتقض الأول ضرورة، وبخلاف ما إذا كان المشتري واحداً؛ لأن الشراء الثاني لازم في حق المشتري وإنما امتنع النفاذ من الجانب الآخر لحق المولى، فصار إقدام المشتري على الشراء الثاني فسخاً للأول، وهو يملك فسخ البيع الأول، فأما ههنا إن وجد من المشتري الثاني دلالة الفسخ إلا أنه لا يملك فسخ العقد الأول، والفضولي وإن ملك الفسخ لم يوجد منه دلالة الفسخ فلهذا لا ينفسخ العقد الأول.