للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفقة أقوى مما يلحق المشتري بعدم التفريق؛ لأنه ضرر مالي؛ لأن ضم الرديء إلى الجيد لترويج الكل بالثمن الجيد معتاد فيما بين الناس، فلو جاز التفريق فالمشتري يأخذ الجيد ويرد الرديء، ويتعذر على البائع ترويج الرديء بعد ذلك بثمن الجيد، فيلحق البائع ضرر مالي من هذا الوجه.

أما ما يلحق المشتري من الضرر بعدم صحة التفريق قبل التمام ليس بضرر مالي بل فيه ضرر بطلان قوله حيث لايصح قبوله العقد في البعض، أو لا يصح رده البعض وإنه مجرد قوله، فإبطال مجرد القول في ضرر دون إبطال المال، فأما بعد تمام الصفقة.

أما يلحق المشتري من الضرر برد الكل أكثر مما يلحق البائع برد البعض؛ لأن برد الكل يبطل حق المشتري عن التسليم من غير رضاه، وإنه ضرر مالي، وإن كان بعوض. (٨٠أ٣) وما يلحق البائع برد البعض موهوم، فإنه عسى يتهيأ له بيع المعيب بثمن السليم، فكان ضرر المشتري أكثر في هذه الصورة، فهذا هو الفرق بين الصورتين.

ولو كان الخيار للبائع والمبيع مقبوض فهلك بعضه فللبائع أن يجيز البيع في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: إذا كان المبيع مما يتفاوت فهلك واحد منه أو تبعض البيع وليس للبائع أن يجيز الباقي وإن كان مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً غير متفاوت، فهلك بعضه للبائع أن يلزمه البيع فيما بقي.

وجه قول محمد: أن خيار البائع لما منع زوال ملك البائع كانت الإجازة بمعنى ابتداء التمليك، ولما كان هكذا يتعذر إثباتها في الهالك لعدم المحل كان إجازة المالك بيع الفضولي بعد هلاك المبيع وتعذر إثباتها في القائم إذا كان شيئاً متفاوتاً؛ لأنه حينئذٍ يكون تمليكاً للقائم بحصة من الثمن، وإنه مجهول بخلاف ما إذا كان شيئاً يتفاوت؛ لأن حصته من الثمن معلوم، فأمكن اعتبار الإجازة في الباقي.

ولهما: أن علة الملك وهي التمليك وهو المالك إلا أن حكم العلة صار مستثنى بالخيار، فإذا سقطت الخيار بالإجازة التحق الحكم من الابتداء من كل وجه ولما كان المتفاوت وغير المتفاوت سواء وما قال بأن الإجازة بمعنى ابتداء التمليك فاسد؛ لأن الحكم لايتوقف على وجود الإجازة، فإنه يثبت بدونها بمضي المدة.

وكذلك بموت من له الخيار. ولو كان لها حكم ابتداء التمليك لما ثبت بدونها بخلاف الإجازة في الفضولي؛ لأنها بمعنى ابتداء التمليك، ولهذا توقف ثبوت الحكم وجوباً؛ وهذا لأن الإجازة في بيع الفضولي معملة للعلة وهي التمليك لصدورها من غير المالك والعمل للعلة يعطي له حكم العلة فاعتبرنا قيام المحل.

أما ههنا الإجازة ليس لها حكم الإعمال للعلة لما ذكرنا أن العلة صدرت من المالك إلا أن حكمها صار مستثنى بالخيار فإذا سقط الخيار ثبت الحكم من الابتداء من كل وجه فلم تكن الإجازة في معنى ابتداء التمليك أصلاً، فلا يعتبر قيام المحل عند الإجازة.

ولو استهلك مستهلك المبيع في يد المشتري فللبائع أن يلزمه ويأخذ الثمن في قول

<<  <  ج: ص:  >  >>