للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال أبو يوسف بعد ذلك: ليس للبائع أن يلزمه إلا برضى المشتري؛ لأن المبيع قد تغير قبل ثبوت الحكم، فيثبت الخيار للمشتري كما في البيع البات قبل القبض بل أولى؛ لأن هناك يثبت ملك الرقبة إن لم يثبت ملك التصرف لم يثبت الملك أصلاً.

وأبو حنيفة رحمه الله مر على الأصل الذي قلنا: إن الحكم عند الإجازة لما كان يثبت من وقت العقد من كل وجه كما لو كان باتاً من الأصل واستهلك.... المشتري في يد المشتري وهناك لايثبت الخيار للمشتري فههنا كذلك، ولو هلك أحد العبدين في يد البائع لم يكن له أن يلزم المشتري العبد الباقي إلا برضاه؛ لأن فيه تفريق الصفقة على المشتري قبل التمام وصار كما لو كان العقد باتاً من الأصل.

نوع آخر في بيان ما ينفذ به هذا البيع، وفي بيان ما ينفسخ به هذا البيع

فنقول: شرط الخيار إذا كان البائع منفوذ العقد بمعانى:

أحدها: أن يجيز البيع صريحاً سواء كان المشتري حاضراً أو غائباً.

الثاني: أن يموت البائع في مدة الخيار؛ لأنه يعجز عن التصرف بحكم الخيار في آخر جزء من أجزاء حياته فيسقط خياره ضرورة.

والثالث: أن تمضي مدة الخيار من غير فسخ من جهته؛ لأن بمضي مدة الخيار يسقط الخيار وهو المانع من نفوذ العقد.

وكذلك إذا أغمي عليه أو جن حتى مضت الأيام الثلاثة.

ولو أنه أفاق في مدة الخيار حكي عن الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي (أنه) على خياره، وذكر شمس الأئمة الحلواني: أنه على خياره. قال رحمه الله: وهو منصوص وهو الأصح.

وإن سكر من الخمر لم يبطل خياره؛ لأنه عد غافلاً كما في الطلاق، وإن سكر من البيع يبطل خياره حتى لو زال السكر من البنج في المدة ليس له أن يتصرف بحكم الخيار هكذا حكى عن الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي، والصحيح أنه لايبطل.

وإن ارتد وعاد إلى الإسلام في المدة فهو على خياره إجماعاً، وإن مات أو قتل على الردة بطل خياره إجماعاً، وإن تصرف بحكم الخيار بعدها توقف تصرفه عند أبي حنيفة ونفذ عندهما، وفسخه بأحد أمرين، أما بالقول أو بالفعل، أما بالقول فسخت فبعد ذلك ينظر إن كان المشتري حاضراً يصح الفسخ ولا يحتاج فيه إلى قضاء أو رضا، وإن كان غائباً لا يصح الفسخ، ويكون موقوفاً عند أبي حنيفة ومحمد خلافاً لأبي يوسف.

والمراد من الحضرة المذكورة في هذه المسألة العلم بالفسخ في مدة الخيار حتى إن المشتري لو علم بالفسخ صح الفسخ وإن لم يكن حاضراً، وإن علم بعد مضي المدة تم

<<  <  ج: ص:  >  >>