للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع؛ لأن تمام المدة دلالة لزوم البيع، فإذا اعترض في حال توقف الفسخ.

فوجه قول أبي يوسف: أن صاحب الخيار تصرف برضا صاحبه فلا يشترط علم صاحبه كالوكيل بالبيع، فإنه لا يشترط علم الموكل لصحة البيع لما قلنا كذا هنا.

بيانه: أن ولاية النقض بحكم شرط الخيار، وصاحبه شاركه في شرط الخيار، وعن أبي يوسف رواية أخرى في «النوادر» مثل قولهما: إن صاحب الخيار بالفسخ يلزم حكماً مبتدأً على صاحبه، ولصاحبه فيه ضرر إذا لم يعلم به، ونعني بهذا الفسخ فسخ العقد، فإن العقد ثابت في حق الحكم ففسخه ورفعه يكون حكماً مبتدأً.

وإنما قلنا لصاحبه فيه ضرر إذا لم يعلم به؛ لأنه تبنى على هذا أحكام يلزمه أداؤها، فإذا كان لا يشعر بها يمضي على موجب العقد ولا يؤدي تلك الأحكام، فيؤاخذ بسبب تركها، وهذا الضرر إنما جاء من ناحية الفسخ بلا علم، فيكون هذا إضراراً منه لصاحبه، فوجب أن لا يرد من غير علم صاحبه دفعاً للضرر عن صاحبه، ألا ترى أن من له خيار العيب إذا أراد الرد ... العبد إلى ملك البائع ويبني على الملك أحكام يجب آداؤها، فإذا كان لايعلم به لايؤدي فيؤاخذ بترك الأداء، فلم يصح من غير علمه دفعاً للضرر عنه، ولا يلزم على ماقلنا الإجازة؛ لأنه لا ضرر على صاحبه في الإجازة من غير علمه، فلا يتوقف صحتها على علمه، ولأنه لازم في حقه قبل الإجازة.

وأما الفسخ بالفعل أن يتصرف البائع في مدة الخيار في المبيع تصرف الملاك كما إذا اعتق أو دبر أو كاتب؛ لأن هذه التصرفات مختصة بالملك ولا يحتاج إليها للاختيار للملك دلالة، واختيار الملك يوجب نقض البيع، ولأن بعد هذه التصرفات يتعذر عليه الإجازة؛ لأن الحر ليس بمحل الابتداء، فلا يكون محلاً لإجازة البيع فيه، والأصل في العقد الموقوف إذا حدث فيه ما يتعذر بالإجازة أن ينفسخ، العقد مشروع للإجازة لا.t

... وكذلك إذا باع من غيره؛ لأن البيع من التصرفات المختصة بالملك ولأن البيع قد نفذ؛ لأنه لاقى ملك البائع، والعقد.

النافد إذا طرأ على العقد الموقوف أوجب انفساخه، وكذلك لو وهب وسلم ينفسخ البيع، ولو وهب ولم يسلم لاينفسخ البيع. اذا رهن وسلم ينفسخ (٨٠ب٣) البيع، وإذا رهن وسلم ينفسخ البيع، وإذا آجر ذكر هذه المسألة في بعض المواضع، وقال: لا يكون فسخاً ما لم يسلمه إلى المستأجر، وذكر في بعضها أنه يكون فسخاً وإن لم يسلمه إلى المستأجر، وبه أخذ عامة المشايخ، ثم تصح هذه التصرفات بغير محضر من المشتري بلا خلاف، وإن كانت هذه التصرفات توجب فسخ البيع، والمشروط له الخيار لا يملك فسخ البيع حال غيبة صاحبه عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الفسخ بهذه التصرفات يثبت حكماً لا قصداً، وقد يثبت الشيء حكماً لغيره وإن كان لا يثبت قصداً، وقد روي عن محمد ما يدل على اشتراط حضرة صاحبه، وستأتي تلك الرواية بعد هذا إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>