للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتله في الأيام الثلاثة فالبينة بينة البائع؛ لأن كل واحد ببينته يثبت حكم القتل لغيره، وذلك الغير ممكن فلم يكن ليقتل مقصوداً فاعتبر كأن البينتان قامتا على الموت على هذا الوجه.

وهناك كانت بينة البائع أولى فكذلك هنا، وإن أراد المشتري في هذا الوجه إثبات القتل على الذي أقام عليه البائع البينة أنه قتله بعد الثلاث، وأراد تضمنه لم يكن له ذلك؛ لأنه قد ادعى القتل على غيره فيصير يدعي القتل عليه فتناقضاً.

قال محمد في «الجامع» أيضاً: رجل باع عبداً من رجل بألف درهم أن البائع بالخيار فيه ثلاثة أيام فقبضه المشتري فصارت قيمته ألفي درهم فأقام البائع بينة على أن هذا الأجنبي غصب هذا العبد من المشتري بعد ما صارت قيمته ألفي درهم فمات في الأيام الثلاث عنده، وأقام المشتري البينة أن هذا الرجل أو غيره غصب هذا العبد في الأيام الثلاثة وقيمته ألف درهم فمات عنده بعد مضي الأيام الثلاثة، فإن بينة المشتري أولى بخلاف مسألة القتل.

والفرق بينهما: وهو أن دعوى الغصب على الأجنبي إنما يعتبر بحكمه وكل واحد منهما يدعي الحكم لنفسه، ولا يعتبر بالموت في دعوى الغصب، فإن في دعوى الغصب بحكم نفسه صحيح بدون دعوى الموت.

وإنما المعتبر في ذلك جواز العقد وانتقاضه إن أجاز العقد فحكم الغصب للمشتري، وإن انتقض فحكمه يكون للبائع فصار المحتاج إليه في دعوى الغصب إثبات النقض للبائع، وإثبات الجواز للمشتري فالجواز هو العارض، وذلك في بينة المشتري فصار الحكم به أولى، ثم تبعه ضمان الغصب بخلاف ضمان القتل.

ولو أقام البائع بينة على الموت بعد الثلاث عند الغاصب وأقام المشتري بينته على البائع؛ لأن كل واحد منهما يثبت حكم الغصب لغيره، فلم يعتبر البينة على حكم الغصب، واعتبر نفس الموت، فيكون القضاء ببينة البائع أولى لما مر، وإذا قضينا على هذا الوجه كان للمشتري أن يضمن الغاصب قيمته بخلاف ما سبق من مسألة القتل في نظير هذا، فإن هناك إذا قضينا ببينة البائع ليس للمشتري أن يضمن القاتل شيئاً.

والفرق بينهما: أن في مسألة القتل كل واحد منهما يثبت حكم القتل لغيره فبطل ذلك، واعتبرت البينة على الموت وعقد ذلك يقضي بالموت بعد الثلاث فالقضاء بالموت بعد الثلاث ينافي القضاء بالقتل في الثلاث، أما ههنا الغصب ثبت من هذا الغاصب في الثلاث بينهما والقضاء بالموت بعد الثلاث لا ينافي الغصب في الثلاث فبقي الغصب محكوماً به، فكان للمشتري أن يأخذه بضمان الغصب، وكذلك إذا كان الغصب من اثنين كان للمشتري أن يأخذ الذي ثبت الغصب عليه بضمان؛ لأن الغصب ثبت على الذي أثبته المشتري ببينته (٨٤ب٣) لا أن المشتري زعم أن حكمه للبائع، وإذا قضينا ببينة البائع صار المشتري مكذباً في زعمه أن ضمان الغصب للبائع فالتحق زعمه بالعدم، فلهذا كان الجواب كذلك، وإن لم يقم البينة على ما وصفنا من القتل والموت فالقول قول من يدعي القتل، والموت في الثلاث؛ لأن الظاهر يشهد له على الوجه الذي قلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>