للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوع آخر في شرط الخيار في بعض المبيع

قال محمد في «الجامع الصغير» : وإذا اشترى الرجل شيئين بأن اشترى عبدين أو ثوبين على أنه بالخيار في أحدهما يأخذ أيهما شاء بعشرة مثلاً ويرد الآخر فهو جائز في الثوبين والثلاثة استحساناً، والقياس أن لا يجوز ولا يجوز فيما زاد على ذلك قياساً واستحساناً.

وقد اختلف ألفاظ الفسخ في هذه المسألة: وقع في بعضها اشترى شيئين، ووقع في بعضها اشترى أحد الشيئين وهو الصواب؛ لأن المشتري أحدهما وإنما جاز هذا العقد استحساناً مع كون المبيع مجهولاً؛ لأنه بمعنى ما جاءت به السُنة وهوشرط الخيار ثلاثة أيام لمساس الحاجة، وكون الجهالة غير مفضية إلى المنازعة، أما الحاجة؛ فلأن الإنسان قد يشتري الشيء لعياله ولا يعجبه أن يحمل معه عياله إلى السوق ولا يرضى البائع بالتسليم إليه عينتيّ ليحمله إلى عياله من غير عقد فيحتاج إلى مباشرة العقد بهذه الصفة لاختيار الأرفق بمحضر من عياله.

والجهالة هنا غير مفضية إلى المنازعة؛ لأن التعيين إلى من له الخيار بخلاف ما إذا لم يشترط الخيار لنفسه؛ لأن الجهالة ثمة تفضي إلى المنازعة، وبخلاف ما إذا لم يسم لكل ثوب ثمناً، فإن هناك ثمن ما يتناوله العقد مجهول وإنما اقتصر الجواز على الأبواب الثلاثة؛ لأن فيما زاد على الثلاث إن انعدمت المنازعة لم توجد الحاجة لاندفاعها بالثلاث لاقتصار صفات الأبواب على الجودة والوساطة والرداءة وهذه الرخصة كانت قائمة بوضعين فلم يقم بأحدهما، ويجوز هذا العقد إذا كان فيه شرط الخيار مع خيار التعيين.

وهل يجوز بدون شرط الخيار؟ فيه كلام على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى، ثم هذا البيع يجوز مع هذا الخيار ثلاثة أيام بلا خلاف، وهل يجوز مع هذا الخيار أربعة أيام لا شك أن على قولهما يجوز كما في العين الواحد، وأما على قول أبي حنيفة فقد اختلف المشايخ فيه، كان الكرخي يقول لا يجوز؛ لأن هذا الخيار على قول الكرخي ملحق بخيار الشرط ولهذا قال: لا يجوز البيع إذا لم يكن الخيار مؤقتاً، وخيار الشرط إذا كان مؤقتاً أربعة أيام يوجب فساد البيع عند أبي حنيفة، فكذلك هذا الخيار، وكان ابن شجاع يقول: يجوز؛ لأن هذا الخيار على قول ابن شجاع غير ملحق بخيار الشرط، ولهذا قال: أن البيع جائز مع هذا الخيار، وإن لم يكن مؤقتاً، فأما إذا ذكر الخيار مطلقاً ولم يؤقته كان الكرخي يقول: لا يجوز البيع وإليه أشار في «الجامع الصغير» وفي «المأذون» ، فإنه وضع المسألة في الخيار المؤقت.

وفائدة ذكر التوقيت: أنه لا يجوز بدونه وإليه مال شمس الأئمة السرخسي، وفخر الإسلام علي البزدوي، وكان ابن شجاع يقول: يجوز وإليه أشار في «الجامع الكبير» وفي بيوع «الأصل» وإليه مال بعض المشايخ، وبعضهم قالوا في المسألة روايتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>