وسئل هو عمن اشترى سكناً في دكان وقف فقال المتولي: ما أذنت بالسكنى وأمر بالرفع، هل للمشتري أن يرجع على البائع؟ قال: إن كان المبيع بشرط القرار، رجع لفوات الشرط وظهور العيب وإلا فلا رجوع له على البائع بوجه ما لا بالثمن ولا بالنقصان.
أيضاً ذكر في «مجموع النوازل» : في رجل اشترى من آخر أرضاً بعينها فجاء مستحق واستحقها بالبينة وقضى القاضي بالأرض له وطلب المشتري من البائع الثمن فرد الثمن عليه، ثم ظهر فساد الدعوى وفساد القضاء بفتوى الأئمة، هل للمستحق أن يسترد تلك الأرض ويقول قد ظهر بطلان القضاء؟ قال: لا؛ لأن المشتري لما رجع على البائع بالثمن ورد البائع الثمن عليه فقد فسخا البيع فيما بينهما بالتعاطي فانفسخ العقد من كل وجه وارتفع حكمه فكيف يستردها قال: ولو لم يرجع المشتري على البائع بعد ما قضى القاضي بالأرض للمستحق وفسخ العقد بينهما، ثم بعد ذلك ظهر بطلان قضاء القاضي وبطلان الاستحقاق، كان لهذا المستحق عليه استرداد الأرض في هذه الصورة؛ لأنه ظهر بطلان الفسخ بناء على ظهور بطلان القضاء بخلاف الفصل الأول.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : رجل اشترى جارية فولدت عنده ولداً لا باستيلاده، ثم استحقها رجل بالبينة أخذها وولدها، ولو أقر المشتري بالجارية لإنسان أخذ المقر له الجارية ولا يأخذ ولدها.
والوجه في ذلك: أن دعوى الملك المطلق دعوى الملك من الأصل فتكون الشهادة بالملك من الأصل؛ لأن الشهود إنما يشهدون على وقت الدعوى فيكون القضاء بالملك المطلق قضاء بالملك من الأصل؛ لأن القاضي إنما يقضي مما يشهد به الشهود، والشهادة حجة مطلقة متعدية فظهر الملك في الجارية عند القضاء بها في حق الولد جميعاً، ولهذا قلنا: إن في القضاء بالملك المطلق يرجع الباعة بعضهم على بعض وطريقه ما قلنا: أن القضاء بالملك المطلق بالبينة، فظهر الملك من الأصل كافة، فأما القضاء بالملك بالإقرار ليس بقضاء بالملك من الأصل؛ لأن الإقرار حجة قاصرة، ألا ترى أن الباعة لا يرجع بعضهم على بعض؟
يوضحه: أن الإقرار ليس ثابتاً بل هو إخبار، وثبوت المخبر به فيه لصحة والمخبر به ملك الآمر، فيقضي بملك الآمر في أدنى زمان يتصور فيه الملك فيقضي بملك الآمر بعد الانفصال عنها؛ لأنه متيقن ولا يقضي به حال الاتصال؛ لأنه مشكوك فيه، ثم في فصل البينة هل يشترط قضاء على حدة بالولد أو القضاء بالأم يكفي؟ اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: القضاء بالأم يكفي، وقال بعضهم: يشترط قضاء على حدة بالولد، وإليه أشار محمد رحمه الله في موضع آخر، فإنه قال: إذا قضى بالأصل للمستحق، ولم يعلم بالزوائد، لم تدخل الزوائد تحت القضاءوهذا؛ لأن القضاء بالزوائد منفصلة حقيقية فلا بد من القضاء بها.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الكبير» : رجل اشترى ثوباً فقطعه وخاطه قميصاً، ثم ادعى رجل أن الثوب له وأقام البينة قضى القاضي له بالقميص، ولا يرجع المشتري على البائع بشيء.