للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبنا، وإنما كان كذلك؛ لأن الحيوان متفاوت في نفسه، فإنك تجد حيوانين (متساويين) في الجنس والصفة والنوع، ثم يختلفان في القيمة اختلافاً فاحشاً لتفاوت بينهما في المعاني الباطنة من الهماجة وحسن السير وما أشبه ذلك، ولهذا لا يضمن الحيوان في الإتلاف بمثله وما كان بهذه الصفة لا يجب ديناً في الذمة بدلاً عما هو مال، إما لأنه يفضي إلى المنازعة المانعة من التسليم والتسلم أو؛ لأن الواجب في الذمة يفضي بالمثل بلا زيادة ونقصان كضمان الإتلاف، وإذا كان المماثلة شرطاً بين الواجب والمؤدى وإنها لا توجد في الحيوان أدى إلى الربا، إلى هذا أشار عمر رضي الله عنه في قوله: فإن من الربا صوباً لا يكذب.g

... على أحد منهما السلم في السن أي السلم في الحيوان، فقد جعل السلم في الحيوان من الربا، وإنما يتحقق الربا في السلم في الحيوان من الوجه الذي قلنا كان القياس أن لا يجوز السلم في النبات أيضاً؛ لأنها ليست من ذوات الأمثال، فيؤدي إلى الربا أيضاً على نحو ما بينا في الحيوان، لكن تركنا القياس ثمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه سئل عن السلم في الكراس، فقال: «لا بأس به إذا كان ضرباً معلوماً إلى أجل معلوم» والنص الوارد في النبات بخلاف القياس لا يكون وارداً في الحيوان؛ لأن في الحيوان نصاً آخر بخلافه، وهو حديث عمر رضي الله عنه.

الشرط التاسع: بيان مكان الإيفاء إذا كان المسلم فيه شيئاً له حمل ومؤنة كالحنطة وغير ذلك، وهذا قول أبي حنيفة آخراً، وكان أبو حنيفة لا يقول ببيان مكان الإيفاء ليس بشرط، ولكن إن ببيان مكان الإيفاء يتعين ذلك المكان للإيفاء، وإن لم يبينا مكاناً بتعين مكان العقد للإيفاء لا يتعين مكان العقد للإيفاء، بل بقي مكان الإيفاء مجهولاً.

وأجمعوا أن مكان العقد يتعين لإيفاء رأس المال، وأجمعوا على أن بيع العين إذا كان المبيع حاضراً في مجلس العقد يتعين مكان العقد لإيفاء المبيع، وأجمعوا على أن في مكان القرض والغصب والاستهلاك يتعين للإيفاء.

وعلى هذا الخلاف إذا باع عبداً حاضراً بكر حنطة ديناً في الذمة إلى أجل عند أبي حنيفة آخراً يشترط بيان مكان الإيفاء للحنطة هو الصحيح، وعندهما يتعين مكان العقد للإيفاء. وعلى هذا الخلاف إذا قسم الرجلان داراً على أن يرد أحدهما كراً مؤجلاً في الذمة على صاحبه عند أبي حنيفة رحمه الله آخراً يشترط بيان مكان الإيفاء للحنطة لصحة القسمة هو الصحيح، وما ذكر في كتاب القسمة مجهول على قوله الأول، وعندهما: يتعين مكان القسمة للإيفاء.

وعلى هذا الخلاف إذا أجر داره بما له حمل ومؤنة عند أبي حنيفة رحمه الله آخراً يشترط بيان مكان الإيفاء لصحة الإجارة، وعندهما: يتعين مكان الدار للإيفاء.

وجه قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في المسألة: أن سبب التزام الكر السلم، فيتعين مكان السلم للإيفاء كما في الغصب والقرض وما أشبه ذلك، وهذا؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>