للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد عقد معاوضة والمعاوضة تقتضي التساوي، فإذا وجب تسليم أحد البدلين وهو رأس (١٢٤أ٣) المال في مكان العقد يجب تسليم البدل الآخر فيه تحقيقاً للتساوي، ألا ترى أن بيع العين إذا كان المبيع حاضراً في مكان العقد حتى وجب تسليم المبيع في مكان العقد يجب تسليم الثمن في مكان العقد، وإذا كان غائباً عن مكان العقد حتى وجب تسليمه في المكان الذي فيه يجب تسليم الثمن في ذلك المكان ليستوي حكم البدلين كذا ههنا، وإذا تعين مكان العقد للإيفاء كان مكان الإيفاء معلوماً، ولو فسد العقد ههنا فسد لجهالة مكان الإيفاء.

ولأبي حنيفة: أن مكان العقد لو تعين مكان الإيفاء، أما إن تعين نصاً بالعقد أو ضرورة لا وجه إلى الأول؛ لأن العقد يتعرض للمكان أصلاً من حيث النص، ولا وجه إلى الثاني؛ لأن الضرورة إنما تتحقق إذا وجب تسليم المعقود عليه عقب العقد حتى يصير مطالباً بالتسليم عقيب العقد، فيتعين مكان العقد للإيفاء ضرورة وجوب التسليم عليه في مكان العقد، وفي هذه المسائل التي ذكرناها لم يجب تسليم العقد عليه عقيب العقد، فلم يصر مطالباً بالتسليم في مكان العقد، فلا يتعين مكان العقد للإيفاء، وإذا لم يتعين مكان العقد للإيفاء، ولم يعينا مكاناً آخر يبقى مكان الإيفاء مجهولاً وإنه يفسد العقد فيما له حمل ومؤنة لمكان المنازعة، وأما إذا كان المسلم فيه شيئاً ليس له حمل ومؤنة لا يشترط بيان مكان الإيفاء بالإجماع.

وهل يتعين مكان العقد للإيفاء؟ ذكر في بيوع «الأصل» وفي «الجامع الصغير» ما يدل على أنه يتعين عندهم جميعاً، وذكر في كتاب الإجارات ما يدل على أنه لا يتعين عندهم جميعاً، وإن بينا مكاناً آخر للإيفاء فيما ليس له حمل ومؤنة هل يتعين ذلك المكان للإيفاء؟ وذكر في كتاب الإجارات أنه لا يتعين، وذكر الطحاوي أنه يتعين، وإليه أشار محمد في «الأصل» .

الشرط العاشر: قبض رأس المال في المجلس سواء كان رأس المال شيئاً يتعين بالتعيين أو لا يتعين، إنما كان كذلك لأن السلم عقد جوز بخلاف القياس إلى رأس المال، فإذا افتراقا من غير قبض رأس المال يتبين أنه لا حاجة فيعمل فيه بالقياس، فقد ذكر قبض رأس المال والمجلس، وقبض رأس المال في المجلس ليس بشرط لا محالة، وإنما الشرط القبض قبل افتراقهما بالأبدان ألا ترى أن ما ذكر في «النوادر» لو تعاقدا عقد السلم ومشيا ميلاً أو أكثر ولم يغب أحدهما عن صاحبه، ثم قبض رأس المال فافترقا جاز.

وفي «النوادر» أيضاً: لو ناما أو نام أحدهما لم يكن ذلك فرقة، وفيه أيضاً: إن أبى المسلم إليه قبض رأس المال في المجلس أجبر عليه.

الشرط الحادي عشر: إعلام قدر رأس المال في المقدرات نحو المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فإن كان مشاراً إليه ليس بشرط حتى أن من قال لغيره: أسلمت إليك هذه الحنطة في كذا منٍ من الزعفران لا يعرف قدر الحنطة لا يجوز على

<<  <  ج: ص:  >  >>