فيما بينهم، وتجري فيه المماكسة فيما بينهم، فألحق بالعدديات المتقاربة في باب السلم باعتبار الحاجة وبالعدديات المتفاوتة في البيع لانعدام الحاجة، ويمكن أن يقال بأن الآجر من العدديات المتقاربة إذا كان الملبن واحداً في السلم وفي بيع العين جميعاً وفساد البيع في مسألة «المجرد» لاختلاف اللبن واحداً لما قلتم، فإن الموضوع بمسألة «المجرد» لو باع مائة آجرة من أتون لم يجز، ولم يذكر أن الملبن واحد أو مختلف، وكما يوضع في الأتون اللبن من ملابن واحد يوضع اللبن من ملابن تختلف، فيمكن أن نحمل مسألة «المجرد» على الملابن المختلفة وعند ذلك لا يقع الفرق بين مسألة السلم وبين مسألة البيع، ثم ذكر في هذه المسألة مكاناً معلوماً.
واختلف المشايخ بعضهم قالوا: أراد به مكان الإيفاء وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله، وبعضهم قالوا: أراد به المكان الذي يضرب فيه اللبن.
ولا بأس في السلم بالثياب والبسط والحرير بعد أن يشترط طولها وعرضها بذرع معلوم ويبين صفتها وهذا استحسان. والقياس: أن لايجوز؛ لأن الثياب ليست من ذوات الأمثال، لكن استحسنا ذلك بحديث ابن عباس على ما مر، وبحديث علي فإنه قال:«لا بأس بالسلم في الثياب» ، والمعنى فيه أن الثياب مصنوع العباد والعبد إنما يصنع بآلة، فإذا اتحد الصانع والآلة يتحد المصنوع، فلا يبقى بعد ذلك إلا تفاوت يسير، والتفاوت اليسير في المعاملات متحمل، ثم إن محمداً رحمه الله اشترط لجواز هذا السلم بيان الطول والعرض والصفة ولم يشترط بيان الوزن، ولا شك أن بيان الوزن في الكرباس ليس بشرط؛ لأن الكرباس لايختلف باختلاف الوزن. وهل يشترط بيان الوزن في الحرير؟ اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه يشترط، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي، وهكذا ذكر في «شرح القدوري» ؛ لأن الحرير يختلف باختلاف الوزن ولم يبين الذرع لايجوز؛ لأن الذروعات بمنزلة الصفة، فكأنه أسلم في موزون وترك صفته.
قال شيخ الإسلام خواهر زاده في «شرحه» : إذا اشترط الوزن في الحرير ولم يشترط الذرعان إنما لا يجوز السلم إذا لم يبين لكل ذرع ثمناً، أما إذا بين لكل ذرع ثمناً يجوز، وإن بين طولها وعرضها بذراع رجل معروف فلا خير فيه، هكذا ذكر في «الأصل» . قال مشايخنا: أراد بقوله بذراع رجل معروف فعل الذرع لا الاسم وهو الخشب، ألا ترى أنه قال: لو مات ذلك الرجل لم يدر رب السلم، وإذا شرط كذا كذا ذراعاً مطلقاً فله ذراع وسط اعتباراً للنظر من الجانبين.
واختلف المشايخ في تفسير قوله: فله ذراع وسط، بعضهم قالوا: أراد به المصدر، وهو فعل الذرع لا الاسم وهو الخشب، يعني لا يمد كل المد (ولا يرخى كل) الإرخاء، وقال بعضهم: أراد به الخشب؛ لأن خشب الذرع يتفاوت في الأسواق، فمنها ما يكون أقصر ومنها مايكون أطول. قال شيخ الإسلام: والصحيح أنه يحمل عليهما إذا شرط مطلقاً (١٢٥ب٣) فيكون له الوسط منهما نظراً بين الجانبين.
قال في «الأصل» : ولا بأس بالسلم بالتبن كيلاً معلوماً وضماناً معلوماً وكيله