فيجوز عند الكل؛ لأن ما يقع من المتفاوت في اللحم بسبب العظم في الطيور تفاوت لا يعتبره الناس، فإنه لا تجري المماكسة بسببه فكان بمنزلة عظم الإلية وعظم السمك، وإلى هذا مال شيخ الإسلام المعروف خواهرزاده.
ولا يجوز السلم في الخبز عند أبي حنيفة ومحمد رحمه الله لا وزناً ولا عدداً؛ لأن الخبز عنده يختلف بالعجن والنضج وكيفية الخبز، فمنه الخفيف ومنه الثقيل، والمقاصد مختلفة، ومع التفاوت لا يمكن تجويز السلم فيه، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: يجوز وزناً واختيار المشايخ للفتوى قول أبي يوسف إذا أتى بشرائطه لحاجة الناس، لكن يجب أن يحتاط وقت القبض حتى يقبض من جنس الذي لا يصير استبدالاً بالمسلم فيه قبل القبض.
وبيع الحنطة بالخبز وبيع الدقيق به وبيع الخبز بهما يجوز متساوياً متفاضلاً إذا كانا نقدين، وإن كان أحدهما نسيئة والآخر نقداً، فإن كان الخبز نقداً يجوز بالاتفاق، وإن كان الخبز نسيئة عند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز، وعند أبي يوسف يجوز بناء على اختلافهم في جواز التسليم في الخبز وزناً، والمشايخ أفتوا بقول أبي يوسف. وإذا أراد دفع الحنطة إلى الخباز جملة وأخذ الخبز متفرقاً ينبغي أن يبيع صاحب الحنطة خاتماً أو سكيناً من الخباز بألف من الخبز مثلاً (١٢٦أ٣) ويجعل الخبز ثمناً ويصفه بصفة معلومة حتى يصير ديناً في ذمة الخباز ويسلم الخاتم إليه، ثم يبيع الخباز الخاتم من صاحب الحنطة بالحنطة مقدار ما يريد الدفع إليه ويدفع الحنطة فيبقى له على الخباز الخبز الذي هو ثمن، هكذا قيل، وهو مشكل عندي، قالوا: إذا دفع دراهم إلى خباز، وأخذ منه كل يوم شيئاً من الخبز، فكلما أخذ يقول: هوعلى ما قاطعتك عليه.
ولا خير في السلم في الجوهر واللؤلؤ لا عدداً ولا وزناً ولا كيلاً، قال الشيخ الإمام الأجل السرخسي: ما ذكر من الجواب محمول على الكبار من اللآلئ، وأما الصغار منها التي تباع وزناً وتجعل في أدوية العين والمفوح فالسلم فيها يجوز وزناً، ولا بأس بالسلم في الجص والنورة كيلاً معلوماً ومكاناً معلوماً، واختلف المشايخ في قوله: ومكاناً معلوماً قال بعض: أراد به مكان الإيفاء على قول أبي حنيفة، وقال بعضهم: أراد به المكان الذي يستخرج منه الجص والنورة.
ولا بأس بالسلم في الأدهان إذا شرط من ذلك ضرباً معلوماً، من مشايخنا من قال: هذا في الدهن الصافي، فأما المربي بالبنفسج وغيره فلا؛ لأن المربي يختلف باختلاف ما يربى من الأدوية، فهو نظير الناطف المبرز، ولا يجوز السلم فيه لما يقع من التفاوت في البروز التي فيه، والأصح أن المربي وغيره في ذلك سواء.
ولا بأس بالسلم في الصوف وزناً وإن اشترط كذا وكذا جزه بغير وزن لم يجز، وإن أسلم في صوف غنم بعينها لم يجز، وكذلك ألبانها وسمونها، ولا خير في السلم في السمن الحديث والزيت الحديث والحنطة الحديثة وهي التي تكون في هذا العام؛ لأنها قد لا تكون، ولا بأس بالسلم في نصول السيف يريد به إذا كان معلوم الطول والعرض