واحد منهم جميعاً، أما عند أبي حنيفة وأبي يوسف فلا إشكال؛ لأن عندهما يقضي بسلم واحد مع إمكان القضاء بسلمين في حال عدم الإمكان.
أما على قول محمد؛ فلأنه تعذر القضاء بعقدين؛ لأن رأس المال عين، والعين متى جعلت رأس مال في السلم لا يمكن أن يجعل رأس مال في سلم آخر إلا بعد إثبات الشراء ثانياً من المسلم إليه ولم يمكن إثبات الشراء؛ لأن الشهود لم يشهدوا بذلك لتعذر القضاء بعقدين فوجب القضاء بعقد واحد، بخلاف ما لو كان رأس المال دراهم أو دنانير؛ لأنه يجب ديناً في الذمة وفي الذمة سعة، فيمكن القضاء بعشرين كما يمكن بعشرة فقد أمكن القضاء بعقدين، فلا يقضي بعقد واحد.
وإن اختلفا في قدر المسلم فيه فالجواب في حق التحالف والبينة كالجواب في الفصل الأول عندهم جميعاً.
وإن اختلفا في صفة المسلم فيه إن لم تقم لأحدهما بينة، فالقياس على ما مضى من الاستحسان أن يتحالفا، وفي الاستحسان: أن لا يتحالفا، وبالقياس نأخذ، ثم الجواب إلى آخره على ما بينا، وإن قامت لأحدهما بينة، فإنه يقضي ببينته. وإن أقاما جميعاً البينة يقضي بعقد واحد عندهم جميعاً؛ لأن القضاء بعقدين غير ممكن إلا بعد الشراء ثانياً من المسلم إليه، والشهود لم يشهدوا بالشراء.
فإن اختلفا في جنس رأس المال ولم يقم لأحدهما بينة، القياس: أن لايتحالفا ويكون القول قول رب السلم، وفي الاستحسان:(١٣١أ٣) يتحالفان. وإن قامت لأحدهما بينة، فإنه يقضي ببينته لما بينا، وإن أقاما جميعاً البينة فعلى قول محمد رحمه الله يقضي بعقدين؛ لأن القضاء بالعقدين ممكن؛ لأن كل فريق شهد بعين لم يشهد به الآخر، والقضاء بعينين في عقدين ممكن، فيقضي بعقدين كما لو اختلفا في جنس رأس المال ورأس المال دين، وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف: يقضي بعقد واحد على رواية الكرخي وهو الأصح؛ لأن القضاء بعقد واحد ممكن برد أحد البينتين وهي بينة رب السلم؛ لأنها قامت على إثبات ماهو ثابت له بإقرار المسلم إليه، ولما أمكن رد إحدى البينتين أمكن القضاء بعقد واحد.
وإن اختلفا بعقد في مقداره إن لم تقم لأحدهما بينة، فالقياس: أن يكون القول قول رب السلم ولا يتحالفان؛ لأن المسلم إليه يدعي زيادة ثوب في رأس المال وهو ينكر، وفي جانب المسلم فيه اتفقا على أنه كر حنطة إلا أنهما يتحالفان استحساناً، وإن قامت لأحدهما بينة، فإنه يقضي ببينته. وإن أقاما جميعاً البينة يقضي بعقد واحد عندهم؛ لأن القضاء بعقدين غير ممكن؛ لأن أحد الثوبين باتفاق البينتين صار رأس المال في عقده، فلا يتصور أن يجعل رأس المال في عقد إلا بإدراج زيادة لم يشهد به الشهود وهو الشراء.
وإن اختلفا في صفته إن لم يقم لأحدهما بينة، فإنهما لا يتحالفان قياساً واستحساناً، ويكون القول قول رب السلم؛ لأنهما اختلفا في صفة رأس المال وهو عين،