فكان بمنزلة ما لو اختلفا في صفة المعقود عليه في بيع العين، فيكون القول قول منكر الزيادة قياساً واستحساناً، فإن قامت لأحدهما بينة، فإنه يقضي ببينته، وإن أقاما جميعاً البينة، فإنه يقضي بعقد واحد عندهم جميعاً؛ لأن رأس المال واحد (وهو) عين.
وإن اختلفا فهما إن اختلفا في جنس رأس المال وجنس المسلم فيه إن لم تقم لأحدهما بينة، فإنهما يتحالفان قياساً واستحساناً؛ لأن كل واحد منهما حصل مدعياً ومدعى عليه، وإن قامت لأحدهما بينة، فإنه يقضي ببينته وإن أقاما جميعاً البينة يقضي بعقدين لما ذكرنا فيما إذا اختلفا في جنس رأس المال والمسلم فيه فهما دينان.
وإن اختلفا في قدر رأس المال والمسلم فيه إن لم تقم لأحدهما بينته، فالجواب في التحالف أنهما يتحالفان قياساً واستحساناً، وإن قامت لأحدهما بينة يقضي ببينته، وإن أقاما جميعاً البينة، فإنه يقضي بعقد واحد عندهم جميعاً ويقبل بينة كل واحد منهما في إثبات الزيادة؛ لأن القضاء بعقدين متعذر لما ذكرنا، ويمكن العمل بالبينتين من حيث إثبات الزيادة؛ لأن الجنس واحد من الجانبين، فإنما إذا اختلفا في صفة رأس المال والمسلم فيه ولم يقم لأحدهما بينة، فإنهما يتحالفان قياساً واستحساناً، وإن قامت لأحدهما بينة فإنه يقضي ببينته، وإن أقاما جميعاً البينة فإنه يقضي بعقد واحد وتقبل بينة كل واحد منهما في إثبات الزيادة يقضي بثوب هو أحد عشر ذراعاً وبكر حنطة جيدة؛ لأن القضاء بالعقدين متعذر؛ لأن رأس المال عين ولا بد من قبول كل واحد من البينتين؛ لأنهما قامت على إثبات ما هو غير ثابت، فيقضي بعقد واحد بالزيادة الثابتة بالبينتين. هذا الذي ذكرنا كله إذا اختلفا في المسلم فيه أو في رأس المال أو فيهما.
الوجه الثاني: إذا اختلفا في بيان مكان الإيفاء، فقال الطالب: شرطت لي الإيفاء في مكان كذا، وقال المطلوب: لا، بل شرطت لك الإيفاء في مكان كذا لمكان دون ذلك المكان، ولم تقم لهما بينة، فعلى قول أبي حنيفة لا يتحالفان قياساً واستحساناً، ويكون القول قول المسلم إليه مع يمينه، وقال أبو يوسف ومحمد: ذهبا في ذلك إلى أنهما اختلفا في مقدار المسلم فيه من حيث المعنى أو في مقدار رأس المال فيتحالفا، كما لو اختلفا في مقدار رأس المال، وإنما قلنا ذلك؛ لأن المسلم إليه يلزمه زيادة قفيز أو قفيزين لمؤنة الكراء متى لزمه النقل إلى المكان الذي يدعيه غير رب السلم تلزمه زيادة درهم لو لزمه النقل من المكان الذي يدعيه المسلم إليه، ومؤنة الكراء تلحق بأصل المال حتى لو كان له أن يضم مؤنة الكراء إلى الثمن ويبيعه مرابحة على الكل.
فإذا صارت مؤنة النقل ملحقاً بأصل المعقود عليه، فكأن رب السلم يدعي عليه اثني عشر قفيزاً بعشرة دراهم وهو يقول: عشرة أقفزة فكأن المسلم إليه يدعي عليه أحد عشر أو اثني عشر درهماً بكر حنطة، فرب السلم يقول: عشرة دراهم، ينزل اختلافهما في بيان مكان الايفاء من حيث منزلة اختلافهما في مقدار المسلم فيه أو في رأس المال، وذلك مما يوجب التحالف هذا، وهذا الخلاف ما لو اختلفا في مقدار الأصل، فإنهما لا يتحالفان، ويكون القول قول رب السلم في الزيادة؛ لأن الاختلاف في الأجل ليس باختلاف في المعقود