عليه ولا في بدله لا من حيث الحقيقة ولا من حيث المعنى، وذلك لأن رب السلم لا تلزمه زيادة مال بسبب نقصان الأجل، فلا يكون الاختلاف في الأجل اختلافاً في المعقود عليه ولا في بدله، والتحالف أمر عرف بخلاف القياس بالنص، والنص إنما ورد بإيجاب التحالف إذا اختلفا في بدل المعقود عليه أو في المعقود عليه، فإذا لم يوجد الاختلاف في المعقود عليه ولا في بدله لا حقيقة ولا معنى يرد إلى ما يقتضيه القياس، والقياس يوجب أن يكون القول قول المنكر وعلى المدعي فبهذا تعلقا.
وأما أبو حنيفة ذهب في ذلك إلى أن التحالف وجب نصاً بخلاف القياس، والنص الوارد بإيجاب التحالف متى اختلفا في المعقود عليه أو في بدله لا يكون وارداً دلالة فيما إذا اختلفا في مكان الإيفاء؛ لأن مؤنة الكراء معقود عليه من وجه، وليس بمعقود عليه من وجه من حيث إنه ليس بإزائه بدل مقابلة لم يكن معقوداً عليه، ومن حيث إنه قال يلزمه سبب تسليم المعقود عليه كان معقوداً عليه، ولهذا قالوا في بيع المرابحة أنه يقول: قام علي بكذا ولا يقول اشتريت بكذا، ولهذا قال محمد رحمه الله: إنهما إذا أقاما جميعاً البينة، فإنه لايقضي بعقدين، وإن أمكن القضاء بالعقدين كما إذا اختلفا في مقدار الأجل وقامت لهما بينة، وإذا كان بمنزلة المعقود عليه من وجه لم يكن النص الوارد بإيجاب التحليف متى اختلفا في المعقود أو في بدله من كل وجه وأرادا نصاً دلالة، ورد هذا إلى ما يقتضيه القياس، والقياس يقتضي أن يكون القول قول المسلم إليه؛ لأن رب السلم يدعي عليه زيادة وهو ينكر ذلك، أو يقال: اختلفا في شرط ملحق بالعقد يوجد العقد بدونه، فلا يوجب التحالف، وإن كان لا يصح العقد إلا به قياساً على الأجل، وإنما قلنا ذلك؛ لأن (١٣١ب٣) بيان مكان الإيفاء شرط ملحق بالسلم، والسلم يوجد بدون بيان مكان الإيفاء إلا أنه يكون فاسداً كالأجل، والدليل على أن الاختلاف في المكان كالاختلاف في الأجل أن الأسفار تختلف (باختلاف) المواضع والأمكنة كما تختلف باختلاف الأيام والأزمنة، ألا ترى أن التجار يجلبون الطعام وغيرها من السلع من بلد إلى بلد لطلب الربح كما يحبسونها لوقت رجاء الربح بسبب تغير السعر، ثم الاختلاف في الأجل لم يوجب التحالف، فكذا في بيان مكان الإيفاء اختلافاً في قدر المسلم فيه أو في رأس المال معنى، فمن حيث الحقيقة اختلاف في شرط ملحق للعقد يوجد العقد بدونه كالأجل، فيجب التحالف من وجه ولا يجب من وجه، فلا يجب هذا إن لم تقم بينة أحدهما، وإن قامت لأحدهما بينة،
فإنه يقضي ببينته طالباً كان أو مطلوباً لما ذكرنا. وإن أقاما جميعاً البينة ذكرنا أنه يقضي بينة الطالب؛ لأن في بينته زيادة إثبات، وهو النقل إلى المكان الذي يدعيه بنفيه بينة المسلم إليه، فكانت أولى بالقبول ويقضي بعقد واحد.
وهذا عند أبي يوسف رحمه الله لا إشكال؛ لأنه على مذهبه لو اختلفا في المقدار المعقود عليه من حيث الحقيقة وقامت لهما بينة لا يقضي بعقدين فهذا أولى.l
وإنما يشكل على قول محمد رحمه الله؛ لأن الأصل عنده أن يقضى بعقدين متى اختلفا في مقدار المعقود عليه على الحقيقة ليكون عملاً بالبينتين، وهنا قال: يقضي بعقد واحد مع إمكان