للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرق بين هذا وبينما إذا وكل رجلاً بقبول السلم بأن قال: خذ لي عشر دراهم في طعام مسمى، فإن التوكيل لا يصح حتى إذا قبل الوكيل السلم يصير قابلاً لنفسه حتى يكون رأس المال له، وله منفعة من الموكل بقبول السلم توكيل بما لا يملك الموكل بنفسه بقضية الأصل؛ لأن قبول السلم بيع ما ليس عنده وبيع ما ليس عند الإنسان مما لا يملكه الموكل بنفسه، فكان القياس: أن لا يجوز لو قبل الموكل بنفسه كما في بيع العين إذا باع ما لا يملك، لكن عرفنا ذلك بالنص، فإن النبي عليه السلام رخص في السلم، والرخصة وردت في بيع ما ليس عنده لا في الأمر ببيع ما ليس عنده، ففي الأمر ببيع ما ليس عنده تكون العبرة للقياس، والقياس يأبى جواز الأمر ببيع ما ليس عنده بخلاف التوكيل بالشراء حيث يصح وإن لم يكن الثمن في ملكه؛ لأن الشراء بما ليس عند الإنسان جائز على موافقة القياس، فكان الأمر به جائزاً على موافقة القياس أيضاً إذا ثبت أن التوكيل بالسلم جائز، فالوكيل هو الذي يطالب بتسليم المسلم فيه عند محل الأجل وهو الذي يسلم رأس المال؛ لأنه هو العاقد وحقوق العقد ترجع إلى العاقد عند علمائنا الثلاثة، ثم إن كان الوكيل نقد دراهم الموكل أخذ المسلم فيه ودفعه إلى الموكل، وإن كان نقد دراهم نفسه، ولم يدفع إليه الذي وكله شيئاً يرجع بما نقد على الموكل، وكان ينبغي أن لا يرجع؛ لأنه أمره بالسلم أما ما أمره بالنقد قلنا: الوكيل مضطر في هذا النقد؛ لأن حقوق حق الوكيل وإنما يبقى قبض المسلم فيه حقاً له؛ لأن السلم يفسد حينئذ، فكان مضطراً في هذا النقد لإحياء حق نفسه، ومن قضى دين غيره مضطراً كان له الرجوع بما قضى على المقضي عنه. وإذا عقد الوكيل السلم، ثم أمر الموكل بأداء رأس المال وذهب الوكيل، فقد بطل السلم.

وكذلك لو كان الذي عليه السلم وكل رجلاً يقتضي رأس المال وذهب عن مجلس العقد، ولم يوجد وإذا خالف الوكيل بالسلم فأسلم في غير ما أمره الموكل بالسلم فيه كان للموكل أن يضمن الوكيل دراهمه، وإن شاء ضمن المسلم إليه؛ لأن الوكيل لما خالف نقد العقد على الوكيل؛ بالسلم وكيل بشراء العين، والوكيل بشراء العين إذا خالف نقد العقد عليه، فكذا هذا وإذا نقد العقد على الوكيل قاضياً دين نفسه من دراهم الموكل، فصار غاصباً وصار المسلم إليه غاصب الغاصب، فإن ضمن الوكيل بقي السلم صحيحاً على الوكيل، وطريق بقائه صحيحاً بتضمين الوكيل، وإن بطل ذلك التسليم فقد وجد تسليم آخر في ذلك المجلس من حيث الحكم والاعتبار؛ لأن الدراهم في يد المسلم إليه وإنها مضمونة على المسلم إليه نفسه، فثبوت قبضه عن قبض السلم، فكأنه وجد تسليم آخر من حيث الحكم بعدما بطل الأول في المجلس، ألا ترى أن قبض الغاصب ينوب عن قبض الشراء؟ فكذا ههنا.

وإن ضمن السلم إليه إن ضمنه وهما في المجلس يعني الوكيل والمسلم إليه ونقد

<<  <  ج: ص:  >  >>