للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمان من أيهما قال يرد المسلم إليه درهماً آخر على رب السلم وينتقص من كل واحد منهما خمسة.

وروى بشر (بن) الوليد عن أبي يوسف: في رجل أسلم إلى رجل عشرة دراهم في كر حنطة وخمسة دراهم في كر شعير فأعطاه عشرة للحنطة، ثم أعطاه خمسة للشعير، ثم وجد درهماً ستوقاً، فقال المسلم إليه: هو من دراهم الحنطة، وقال رب السلم: هو من دراهم الشعير، قال: إن كان المسلم إليه أقر بالاستيفاء، فالقول قول رب السلم، وإن لم يكن أقر بالاستيفاء فالقول قوله، فإن تصادقا أنهما لا يدريان من أيهما هو، قال: يكون نصفه من العشرة ونصفه من الخمسة، فينتقص عشر الحنطة ونصف عشر الشعير؛ لأنه في الحنطة لم يوجد قبض رأس المال، وفي حصة الشعير لم يوجد قبض نصف عشر رأس المال، وإن كان أعطاه خمسة عشر في صفقة واحدة، فإنه ينتقص ثلثا عشر الحنطة وثلث خمس الشعير. (١٣٥أ٣) .

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل أسلم إلى رجل عبداً في كر حنطة وبجارية للمسلم إليه ودفع عبده وقبض الجارية من غير رؤية، ثم نظر إليها فردها بخيار الروية، فإن ذلك جائز ويرجع إليه من عنده بحصته الجارية، ويجوز منه حصة الكراء السلم.

وفي «المنتقى» : رجل أسلم إلى رجل عشرة دراهم في ثوب موصوف مسمى، ودفع رب السلم الدراهم وقبض الثوب فوجد به عيباً، ثم حدث عند القابض عيب، قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يرجع بالنقصان؛ لأنه لا يأخذ ثوبه وبعض رأس ماله؛ لأنه يكون اعتياضاً عن الجودة، وإنه ربا. وقال محمد رحمه الله: أما ما يقبض فهو سلم، فلا يجوز أن يأخذ الثوب ودراهم العيب، ولها إذا قبضه فهو الثوب الذي وقع عليه البيع، فصار بمنزلة البيع إن وجد به عيباً رده وإن حدث عنده عيب آخر ولم يستطع رده رجع بنقصان العيب الذي وجده، وكذلك لو كان كر حنطة مكان الثوب، ألا ترى أنه يبيعه مرابحة على ما أسلم فيه، ولو لم أجعله بيعاً حتى قبضه وجعلته ديناً اقتضاه، فما كان له أن يبيعه مرابحة. قال ثمة: وينبغي له في قياس قول أبي يوسف أن يرد قيمة الثوب معيناً ويرجع بسلمه إلى الثوب ويرد مثل الكر معينا، ويرجع بسلمه في الكر كما قال في ألف اقتضاها وعلم بعد ما أنفقها أنها كانت زيوفاً، وسيأتي بعض مسائل هذا الفصل في الوكالة إذا وكل الرجل غيره أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة كان التوكيل صحيحاً؛ لأنه وكل بما يملكه بنفسه ويجري فيه النيابة، والتوكيل بمثله صحيح كالتوكيل بشراء العين وكالتوكيل بالبيع، بيانه: أن الحال لا يخلو إما أن يكون رأس المال عيناً أو ديناً، فإن كان عيناً فقد أمره بالتصرف في عين مملوك له من حيث الإزالة عن ملكه إلى غيره بعوض يحصل له وهو بملك ذلك بنفسه، فيملك الأمر به. وإن كان رأس المال ديناً بأن كان دراهم، فقد أمره بإيجاب رأس المال في ذمته ورب السلم يملك إيجاب رأس المال ديناً في ذمته ملكه، فيملك الأمر به كما لو وكله بالشراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>