بعد هذا اختلف المشايخ في قوله: صالحتك من السلم على خمسين درهماً من رأس مالك أنه يصير إقالة في جميع السلم أو في نصف السلم، وإن قال: صالحتك من السلم على مائتي درهم من رأس المال لا يجوز يريد بقوله: لا يجوز، لا يجوز الزيادة؛ لأن الإقالة في باب السلم على أكثر من رأس المال لا يجوز عندهم جميعاً إلا أنهم لا يجوز الزيادة ويقع الإقالة في باب السلم بعد رأس المال كما في بيع المنقول لو تقايلا على أكثر من الثمن الأول قبل القبض يصح الإقالة بمثل الثمن ولا تثبت الزيادة، هكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» ، وأشار شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» أنه تبطل الإقالة في هذا الوجه أصلاً، هذه الجملة من كتاب الصلح.
وفي بيوع «الأصل» : إذا صالح أحد ربي التسلم مع المسلم إليه على حصة من رأس المال، فالصلح موقوف عند أبي حنيفة ومحمد على إجازة الآخر، فإن أجازا وكانا المقبوض من رأس المال مشتركاً بينهما وما بقي من الطعام مشتركاً بينهما، وإن رد بطل الصلح وبقي حق كل واحد قبل المسلم إليه في الطعام، وهذا إذا أسلما عشرة دراهم مشتركة إلى رجل في كر من طعام، فإن لم يكن العشرة مشتركة بينهما لكن أسلما عشرة دراهم، ثم نقد كل واحد منهما خمسة لم يذكر محمد رحمه الله هذا في البيوع، وذكر بعض المشايخ في شرح البيوع أنه يجوز هذا الصلح في حصة المصالح بالإجماع، وبعضهم قالوا: هذا ليس بصحيح، فقد ذكر في صلح «الأصل» هذا الفصل، وذكر فيه قول أبي حنيفة رحمه الله على حسب ما ذكر في الفصل الأول، ولم يذكر في شيء من الكتب ما إذا قال أحد ربي السلم عقد السلم بحصته، وقد اختلف المشايخ فيه على ما ذكرنا في الفصل المتقدم، ومسائل الصلح في هذا الباب كثيرة سيأتي بيانها في كتاب الصلح إن شاء الله تعالى.t
نوع آخر في وجود العيب فيه وخيار الرؤية فيه
قال هشام في «نوادره» : سألت أبا يوسف عن رجل أسلم عشرة دراهم في ثوب فأخذه وقطعه، ثم وجد به عيباً، قال: ليس له أن يرجع بنقصان العيب، قلت: لم؟ قال: ما تقول في رجل له على رجل طعام فقضاه دون طعامه فأكله؟ ثم علم بذلك أنه يرجع بنقصانه، وعنه أيضاً: قالت: سألت محمداً عن رجل أسلم إلى رجل درهمين أحدهما في الحنطة والآخر في الأرز ودفعهما إليه، ثم وجد أحدهما ستوقة قال: إن كان دفعهما إليه معاً فسد نصف الحنطة ونصف الرز، وإن كان دفع إليه كل درهم على حدة، فإن أقاما فالبينة بينة الذي أسلم إليه، وإن لم يقم لهما تحالفا وفسد السلم كله.
وعن إبراهيم بن رستم عن محمد قال: رجل أسلم إلى رجل خمسة دراهم في خمسة أقفرة حنطة وخمسة دراهم في خمسة أقفرة شعير خمسة للحنطة على حدة وخمسة للشعير على حدة، فأصاب درهماً ستوقاً يعني بعدما تفرقا، فقال رب السلم: هو من الحنطة، وقال المسلم إليه: هو من الشعير، فالقول قول رب السلم، وإن تصادقا أنهما لا