للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المماثلة المعتبرة في القرض، وهي المماثلة من غير زيادة ولا نقصان كما لا يثبت به المماثلة المشروطة في أموال الربا، واستقراض الثياب لا يجوز؛ لأنها ليست من ذوات الأمثال حقيقة، وإنما صارت من ذوات الأمثال شرعاً في باب السلم حتى جاز السلم فيها بشرط مخصوص، والأجل لا يثبت في القرض، فلم يكن من ذوات الأمثال في القرض لا حقيقة ولا شرعاً. وقال أبو حنيفة: لا يجوز إقراض الخبز ولا (استقراضه) لا عدداً ولا وزناً، وهذا على أصله مستقيم؛ لأن عنده لما لم يجز السلم في الخبز لمكان التفاوت أولى أن لا يجوز القرض؛ لأن باب القرض أضيق من باب السلم، ألا ترى أنه لا يجوز إقراض الثياب ويجوز السلم في الثياب.

وقال أبو يوسف في رواية مثل قول أبي حنيفة، وعن ابن أبي مالك عن أبي يوسف أنه قال: لا بأس به وزناً قال ابن أبي مالك: سألت أبا يوسف عن استقراض الخبز مرة، قال: لا بأس به وعليه أفعال الناس جارية، قال ابن أبي مالك: وهذا قوله المعروف، وذكر في بعض المواضع عن محمد أنه يجوز عدداً ولا يجوز وزناً، قال: لأن العادة جرت باستقراضها عدداً لا وزناً والقياس يترك بالعادة.

وذكر في «المنتقى» عن محمد: أنه جوز قرض الخبز عدداً، وقال: بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي، قال ثمة أيضاً: قال محمد: الوزن في قرض الخبز من الدناءة والعدد أحب إلي.

ويجوز استقراض الجوز كيلاً؛ لأنه يكال مرة ويعد أخرى ولهذا جاز السلم فيه كيلاً، ويجوز استقراض الكاغد عدداً؛ لأنه عددي متقارب، كذا ذكره الصدر الشهيد في «واقعاته» . واستقراض الباذنجان عدداً يجوز ذكره شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في أول شرح الغصب، ويجوز استقراض اللحم وزناً، رواه إبراهيم عن محمد، والذي روي عنه: من أقرض رجلاً عشرة أرطال لحم الغنم، قال: هو جائز وإنه مشكل على مذهبه؛ لأن اللحم عنده من ذوات القيم حتى إن من أتلف على آخر لحماً يضمن قيمته، هكذا ذكر محمد رحمه الله في بيوع «الجامع» في الرواية. ونص فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله في شرح «الجامع» أنه من ذوات الأمثال، قال رحمه الله: وتأويل ما ذكر محمد أنه يضمن بالقيمة إذا كان في موضع لا يوجد له المثل، وذكر بعض المشايخ في شرح «الجامع الصغير» : أن اللحم من ذوات الأمثال يضمن بالمثل في ضمان العدديات، ويجري بثمنيته الربا وأشار إليه الطحاوي في كتابه، فإنه قال: كل ما يكون موزوناً فهو مثلي.

وفي «نوادر هشام» عن أبي يوسف أنه قال: (لا) خير في قرض الحنطة والدقيق بالوزن، وكذلك التمر وإن كان حيث يوزن، قال هشام رحمه الله: قلت لمحمد: التمر عندنا بالري وزناً فما تقول فيمن أقرضه بالوزن، قال: لا يصلح ذلك؛ لأن أصله كيل، وعن محمد أيضاً: أنه قال: لا يجوز الحنطة أن تقرض وزناً، فإن أخذه وأكله قبل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>