للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتاله، فالقول قول المستقرض أنه كذا كذا قفيزاً. وفي «الأصل» : (١٣٦أ٣) إذا استقرض الدقيق وزناً لا يرده وزناً، وعن أبي يوسف رواية أخرى: أنه يجوز بيع الدقيق واستقراضه وزناً إذا تعارف الناس ذلك أستحسن فيه.

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : فإذا كانت الدراهم ثلثها فضة وثلثاها صفر، فاستقرض رجل منها عدداً وهي جارية بين الناس عدداً، فلا بأس به وإن لم تجر بين الناس إلا وزناً لم يجز استقراضها إلا وزناً؛ لأن الصفر إذا كان غالباً تكون العبرة للصفر، وتكون الفضة ساقطة الاعتبار وكون الصفر موزوناً، فأثبت بالنص فتكون العبرة موزوناً ما ثبت بالنص لما فيه لتعامل الناس، فمتى تعاملوا بيعها وزناً يكون موزوناً، فلا يجوز استقراضها إلا وزناً، ومتى تعاملوا بيعها عدداً كان عددياً، فلا يجوز استقراضها إلا عدداً، فقد أسقط محمد رحمه الله اعتبار الفضة في القرض إذا كانت مغلوبة، ولم يسقط اعتبارها في حق البيع حتى لا يجوز بيعها بالفضة الخالصة إلا على سبيل الاعتبار، إنما فعل هكذا؛ لأن القرض أسرع جوازاً من البيع؛ لأن القرض مبادلة صورة، تبرع حكماً؛ لأن رد المثل في القرض أقيم مقام رد العين حكماً، والربا إنما يتحقق في البيع دون القرض، فاعتبرت الفضة المغلوبة في البيع ولم تعتبر في القرض لهذا.

وإن كانت الدراهم ثلثاها فضة وثلثها صفراً لا يجوز استقراضها إلا وزناً، وإن تعامل الناس التبايع بها عدداً؛ لأن الفضة إذا كانت غالبة بمنزلة ما لو كان الكل فضة ولكنها زيف، ولو كان كذلك لم يجز استقراضها إلا وزناً وإن تعامل الناس بها عدداً، فههنا كذلك.

وإن كانت الدراهم نصفها فضة ونصفها صفراً لم يجز اعتبار استقراضها إلا وزناً؛ لأنه لم يسقط اعتبار واحد منهما؛ لأن إسقاط اعتبار واحد منهما حال كونه مغلوباً ولم يوجد، فوجب اعتبارهما لم يجز الاستقراض في حق الفضة إلا وزناً، فإذا تركوا ذلك بطل الاستقراض في الفضة، فبطل في الصفر ضرورة، ويجوز استقراض الجمد وزناً؛ لأن الناس تعارفوا وزناً.

نوع آخر منه

قال محمد رحمه الله في كتاب الصرف: إن أبا حنيفة كان يكره كل قرض جر منفعة قال الكرخي: هذا إذا كانت المنفعة مشروطة في العقد بأن أقرض عادلية صحاحاً أو ما أشبه ذلك، فإن لم تكن المنفعة مشروطة في العقد، فأعطاه المستقرض أجود مما عليه، فلا بأس به، وكذلك إذا أقرض الرجل رجلاً دراهم أو دنانير ليشتري المستقرض متاعاً بثمن غال فهو مكروه، وإن لم يكن شراء المتاع مشروطاً في القرض، ولكن المستقرض اشترى من المقرض بعد القرض متاعاً بثمن غال فعلى قول الكرخي: لا بأس به. وذكر الخصاف في «كتابه» وقال: ما أحب له ذلك، وذكر شمس الأئمة الحلواني أنه حرام؛ لأن هذا قرض جر منفعة؛ لأنه يقول: لو لم أشتره منه طالبني بالقرض في الحال. وذكر محمد رحمه الله في كتاب الصرف: أن السلف كانوا يكرهون ذلك، إلا أن الخصاف لم

<<  <  ج: ص:  >  >>