أملاكه، ويجعل رهناً في حق البائع حتى لا يتمكن المشتري من بيعه، وإذا مات لا يورث عنه، وإذا جاء البائع بالمال يؤمر المشتري بأخذ المال ورد المبيع عليه، ويجوز أن يكون للعقد الواحد حكمان، وقد مر نظير هذا في السلم، وإنما فعلنا هكذا لحاجة الناس بعضهم إلى أموال البعض مع صيانتهم عن الوقوع في الربا.
وسئل أبو القاسم عمّن يحتاج إلى شراء الأشياء، ويخاف الوقوع في الحرام، هل يجب عليه أن يسأل عن كل أحد يريد الشراء عنه عن حال ما يريد شراءه؟ قال: الأشياء على ظاهرها التي جرت العادة عليه حتى تجيء العوارض، وإذا كان نقد قد غلب الحرام على أهله أو كان البائع ممن يتخذ المال من خبث، فالسؤال حسن، وإن كان نقد الغالب عليها الحلال في الأسواق لا يجب السؤال.
وسئل عن بيع الزنار لأهل الذمة قال: لا بأس به؛ لأن ذلك ذل لهم ويكره بيع المكعب المفصص من الرجل إذا علم أنه يشتريه ليلبسه، وسئل الفقيه أبو بكر عمن يريد بيع عبده الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي الله به قال: يكره؛ لأنه إعانة على المعصية.
وسئل أبو القاسم عمن يبيع ويشتري في الطريق قال: إن كان الطريق واسعاً ولا يكون في قعوده ضرر للناس فلا بأس، وعن أبي عبد الله القلانسي أنه كان لا يرى بالشراء منه بأساً وإن كان بالناس ضرر في قعوده، والصحيح هو الأول؛ لأنه إذا علم أنه لا يشتري منه لا يبيع على الطريق فكان هذا إعانة له على المعصية وقد قال الله تعالى:{ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}() وبعض مشايخنا قالوا: لا تجوز له العقود على الطريق وإن لم يكن للناس في قعوده ضرر ويصير بالقعود على الطريق فاسقاً؛ لأن الطريق ما اتخذ للجلوس فيه إنما اتخذ للمرور فيه.
رجل اشترى شيئاً بعشرة دراهم صغار فدفع إليه العشرة وبعضها كبار وهو لا يعلم لا يحل للبائع أن يأخذه ويصرفه إلى حوائجه.
وسئل بعض مشايخ بلخ عن بعض الطين الذي يؤكل لا يعجبني بيع الذي يؤكل إلا إذا لم ينتفع به إلا للأكل؛ لأنه يضرو يقتل.
رجل له سلعة معيبة يريد بيعها ينبغي أن يبين حتى لا يقع المشتري في الغرور، قال بعض مشايخنا: لو لم يبين وباع صار فاسقاً مردود الشهادة لا يؤخذ به.
قال محمد رحمه الله في آخر بيوع «الجامع الصغير» : ولا بأس ببيع من يزيد وهو بيع الفقراء وبيع من كسدت بضاعته، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمباع حلساً له ببيع من يزيد والناس تعاملوا بيع المزايدة في الأسواق من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلّمإلى يومنا هذا من غير منكر.