للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد أن البيع باطل إن للمشتري أن يبطله (١٤١ب٣) واستدل على هذا التأويل بما إذا صارت خلاً قبل الفسخ أن يكون له أنه يأخذه ولو بطل العقد لم يكن له حق الأخذ، ومعنى قول أبي حنيفة وأبي يوسف: أن العقد على حاله أنه لم يبطل بعد إما مفسد بلا شك.

ووجه هذا: أن صحة العقد كان باعتبار المالية والتقوم، وبالتخمر إن سقطت القيمة لم تبطل المالية حتى لو اشترى شيئاً ملك ولو زالت القيمة والمالية جميعاً انفسخ العقد.

كما لو مات المبيع قبل القبض ولو بقيا جميعاً بقي العقد جائزاً، فإذا زال أحدهما وبقي الآخر ارتفع الجواز ولم يرتفع أصل العقد، إلا أن هذا الفساد إنما يكون بعارض على شرف الزوال، فإذا زال صار كأن لم يكن وهو معنى تأويل أبي الحسن رحمه الله لقول محمد رحمه الله.

وفي «المنتقى» قال أبو حنيفة: إذا اشترى عصيراً فصار خمراً قبل أن يقبض المشتري، فلم يختصما حتى صار خلاً، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بقيمتها وإن شاء ترك، وقال أبو يوسف: بطل البيع.

وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: رجلان بينهما دار فباع أحدهما نصف بيت منها شائعاً والبيت معلوم، فإن أبا حنيفة قال: لا يجوز البيع؛ لأن فيه ضراً على الشريك في تقطيعه نصيبه عليه عند القسم، قال: أرأيت لو باع نصف كل بيت من الدار لم يتقطع نصيب شريكه قال: وكذلك الأرض.

ولو كان بين رجلين عشر من الغنم وعشرة أثواب مروية مما يقسم باع أحدهما نصف ثوب بعينه من رجل، فإن أبا حنيفة رحمه الله قال: هذا جائز، وكذلك الغنم ولا يشبه هذا الدار الواحدة، وقال أبو يوسف: ينبغي أن يكون هذا والدار سواء في قوله، ألا ترى أنه لو باع نصف كل شاة منها من رجل على هذه لم يستطع شريكه أن يجمع له نصيبه فيها، فقد دخل عليه ضرر ويتقطع نصيبه، فكيف يختلفان.

ولو أن رجلين بينهما أرض ونخل باع أحدهما نصف نخل بعينه بأصله من رجل لم يجز في قول أبي حنيفة، وهذا كالبيت الذي وصفنا، ولو باع أحدهما نصف الأرض واشترى نصف النخيل بأصله، فإن هذا مثل ذلك في قياس قول أبي حنيفة، وكذلك لو باعه نصف الدار شائعاً أن بيتاً منها معلوماً لم يدخل في البيع، وقال أبو يوسف: أنا أرى كل هذا جائزاً لا أنقض بيعاً من أجل قسمة لا يدري أتكون أو لا تكون، ولا يدري لعلها إذا كانت لا تدخل في القسمة ضرر من قبل هذا البيع.

قال محمد رحمه الله: إذا اشترى الرجل من غيره كراً من طعام مكايلة بمئة درهم فاكتاله من البائع لنفسه، ثم إنه ولى رجلاً بالثمن الأول لم يكن للمشتري أن يقبضه إلا بكيل مستقبل، وإن كان المشتري الأول الذي باع من هذا الثاني اكتاله لنفسه بمحضر من المشتري الثاني؛ لأن الشراء الثاني حصل بشرط الكيل، ولم ينص فيه على الكيل باعتبار أن البيع الثاني بيع تولية، والتولية بعد العقد الأول وإقامة الثاني فيه مقام نفسه، وقد كان

<<  <  ج: ص:  >  >>