قال في «الزيادات» : رجل باع عبداً من رجل ووهبه عبداً آخر فنقد المشتري الثمن وقبضهما ثم مات أحدهما، فأراد المشتري أن يرد الباقي بالعيب، فقال البائع: لم أبعك هذا إنما بعتك الميت، فالقول قول (البائع لأن) المشتري يدعي عليه حق الرد بسبب العيب وهو ينكر؛ ولأن الملك في العبدين استفيد من جهة البائع، فكان القول في بيان جهة الملك قول البائع، وهو ادعى أنه ملكه بالهبة، فإذا اعتبر قوله ثبت أن الحي موهوب، فلا يكون له حق الرد بسبب العيب.
ولو أراد البائع أن يرجع في الحي بحكم الهبة والمشتري يقول: الحي مبيع والموهوب هو الميت، فالقول قول البائع وله أن يرجع في الحي؛ لأن الملك في العبدين استفيد من جهة البائع، فكان القول في بيان جهة الملك قول البائع، وهو ادعى أنه ملك الحي بجهة الهبة، فإذا اعتبر قوله ثبت أن الحي موهوب، فكان له حق الرجوع فيه.
ثم يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، فإذا حلف وجب على البائع رد الثمن، ووجب (على) المشتري رد قيمة الميت؛ لأنهما لما حلفا لم يثبت ما ادعاه كل واحد منهما فيجب على كل واحد منهما رد ما قبض، إلا أن رد الميت متعذر، فيقام رد قيمته مقام رده.
ولو كان باعه عبداً بألف درهم وباعه آخر بمئة دينار وتقابضا، ومات أحدهما ورد المشتري العبد الحي بالعيب واختلفا في ثمنه، فالقول في بيان الثمن قول المشتري؛ لأن تمليك الثمن استفيد من جهته، فكان القول في بيان جهة التمليك قوله، فيرجع على البائع بما أنه ثمن المردود، ولو لم يمت واحد منهما ورد المشتري المعيب بالعيب يرجع بالثمن الذي ادعاه ثم يتحالفان في الباقي؛ لأن الاختلاف في ثمن المردود أنه دراهم أو دنانير اختلاف في ثمن الباقي وأنه يوجب التحالف فيتحالفان ويترادان.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل أسلم إلى رجل مئة درهم في كر حنطة، ثم إن المسلم إليه اشترى من رب السلم كر بمئتي درهم إلى أجل فقبض الكر الذي اشترى ولم يدفع الثمن، فلما حل السلم قضاه المسلم إليه بذلك الكر المشترى كر السلم قبل أن ينقده الثمن، فهذا لا يجوز؛ لأن رب السلم يصير مشترياً من وجه ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن، وإنه لا يجوز.
بيانه: أن القبض بحكم الشراء شبيه بالشراء من حيث إنه يستفاد به ملك التصرف، ويتأكد به ملك العين، وفي باب السلم يثبت به ملك العين مع ملك التصرف، فكان شراء من هذا الوجه؛ لأنه ليس بشراء من كل وجه؛ لأن أصل الملك كان ثابتاً قبل القبض ولما كان القبض بحكم الشراء شراء من وجه، صار رب السلم باعتباره مشترياً من وجه ما باع قبل نقد الثمن، والثابت من وجه في باب الربا احتياطاً، ولا وجه إلى أن يجعل رب السلم مشترياً هذا الكر بكراء السلم؛ لأن المقبوض في باب السلم في حكم العين ما يتناوله العقد؛ إذ لو لم يجعل كذلك كان هذا استبدالاً بالمسلم فيه، وذلك لا يجوز، فجعل هذا في حكم العين ما يتناوله العقد، ولما كان بدله مئة درهم وقد كان باع عين هذا