وإذا اشترى الرجل سيفاً محلى بدراهم أكثر مما فيه وتقابضا وتفرقا ثم وجد بالسيف عيباً في جفنة أو نصله أو حمائله، فله أن يرد الكل ما وجد فيه العيب وما لم يجد؛ لأنه شيء واحد، وإن رده وقبله صاحبه بغير قضاء قاض، ثم فارقه قبل أن يقبض البدل بطل الرد عند علمائنا الثلاثة وعاد العقد على حاله، وقال زفر: لا يبطل الرد وعلى هذا الخلاف إذا تقايلا الصرف ثم افترقا قبل قبض البدل بطلت الإقالة عند علمائنا الثلاثة قالوا: الإقالة بعد القبض والرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء فسخ من وجه بيع جديد من وجه فاعتبرنا بيعاً جديداً في حق وجوب قبض البدل بعد الإقالة قبل الافتراق.
قلنا: إذا افترقا بعد الإقالة قبل قبض بدل الصرف تبطل الإقالة واعتبرناه فسخاً في حق جواز الاستبدال، فقلنا: إذا استبدل بعد الإقالة ببدل الصرف يجوز عملاً بالمعينين جميعاً بقدر الإمكان، ولو كان الرد بالعيب بعد القبض بقضاء ثم افترقا قبل أن يقبض البدل لا تبطل الإقالة؛ لأن الرد بالعيب بعد القبض فسخ في حق الكل وقبض البدل إنما يجب بحكم عقد الصرف لا بحكم فسخ الصرف ولا كذلك الرد بعد القبض بغير قضاء (١٤٧ب٣) .
ولو اشترى حلي ذهب فيه جوهر مفضض فوجد بالجوهر عيباً، فأراد أن يرد الجوهر دون الحلي ليس له ذلك ويقال له: إما أن ترد الكل أو تترك الكل.
وهذا لأن الانتفاع المقصود منه وهو انتفاع التحلي لا يتأتى إلا بالكل، فصار بالنظر إلى المقصود كان الكل شيء واحد، فهو بمنزلة ما لو اشترى مصراعي باب أو مصراعي خف وأراد أن يرد الذي وجد العيب به وحده لم يكن له ذلك والمعنى ما ذكرنا.
ولو أن رجلاً اشترى من رجل إبريق فضة فيه ألف درهم بألف درهم، أو اشترى من رجل ألف درهم بمئة دينار وتقابضا، ثم وجد الدراهم ستوقة أو رصاصاً فردها فله أن يفارقه قبل قبض الثمن وقبل قبض الإبريق؛ لأن رد الدراهم حصل بحكم فساد الصرف بسبب الستوقة والرصاص صار فاسداً لحصول الافتراق قبل قبض أحد البدلين والرد بحكم الفساد فسخ من كل وجه.
وإذا كان هذا الرد فسخاً من كل وجه صار نظير الرد بالعيب بقضاء القاضي، وهناك لا يضرهما الافتراق قبل قبض البدل فكذا ههنا، ولو كانت الدراهم زيوفاً فردها على قول أبي حنيفة رحمه الله إن لم يقبض الدنانير حتى تفرقا لم يضرهما ذلك؛ لأن الرد بالزيافة عند أبي حنيفة إذا كان كثيراً، والرد بالستوقة والرصاص سواء حتى لا يبقى العقد جائزاً، وإن استبدل في مجلس الرد؛ لأنه رد بسبب الفساد فيكون فسخاً من كل وجه.
ولو اشترى إناء فضة فلا بيع بينهما؛ لأنه أشار وسمى، والمشار إليه من خلاف جنس المسمى، فيتعلق العقد بالمسمى، وإنه معدوم فلا يقع البيع، ولو كانت فضة سوداء أو حمراء فيها رصاص أو صفر، وهو الذي أفسدها فهو بالخيار، وإن شاء أخذها وإن شاء ردها وهذا؛ لأن المشار إليه من جنس المسمى فأرسله سمي لها فضة في الناس فيتعلق العقد، بالمشار إليه، وإنه موجود فيقع العقد إلا أن به عيب فيثبت الخيار للمشتري