لمكان العيب، ولو كانت الفضة رديئة من غير غش فليس له الرد؛ لأن حق الرد إنما يثبت لفوات المشروط.
كما لو اشترى عبداً على أنه كاتب فوجده غير كاتباً، والنقصان يمكن في المعقود عليه بأن وجد المبيع ثابت الطرف أو ما أشبه ذلك ولم يوجد بشيء من ذلك، أما فوات المشروط؛ لأنه لم يشترط عند العقد إلا كون الإناء من الفضة، والإناء من الفضة كما لو شرط، وإما تمكن النقصان في المعقود عليه العين، وبسبب الرداءة لا يمكن النقصان في العين.
يوضحه: أن العيب ما تخلوا عنه أصل الفطرة السليمة، وصفة الرداءة بأصل الخلقة، ألا ترى أن بالرداءة تنعدم صفة الجودة، وبمطلق العقد لا يستحق صفة الجودة، إنما يستحق صفة السلامة.
فإذا اشترى إبريق فضة بذهب، ووجد به عيباً فهلك في يده أو حدث به عيب آخر، فله أن يرجع بنقصان العيب وهذا ظاهر، فلو كان الثمن فضة فلم يرجع بالنقصان.
والفرق: أن الثمن كان من جنس الإبريق فمتى رجع بالنقصان يرجع بشىء من الثمن، وعند ذلك يظهر التفاضل فيتحقق الربا، وإذا كان الثمن من خلاف جنس الإبريق فمتى رجع بالنقصان لا يظهر التفاضل فلا يتحقق الربا.
ولو اشترى ديناراً بعشرة وتقابضا والدراهم زيوف فأنفقه المشتري وهو لا يعلم فلا شيء له على البائع في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف رحمه الله: يرد مثل ما قبض ويرجع بالجياد.
وقال القدوري في «شرحه» : والظاهر من قول محمد: أنه مع أبي يوسف، وذكر الكرخي قول أبي حنيفة رحمه الله مع محمد.
فوجه قول أبي يوسف: أن صفة الجودة متقومه وقد أمكن استدراكه برد مثل المقبوض والرجوع بالجياد، فيرد مثل المقبوض ويستوفي ما كان حقاً له، ولأبي حنيفة: أن المستوفي في مثل جنس حقه أصلاً، إلا أن له حق الرد بسبب العيب، فيتعين المقبوض للرد؛ لأنه لو ردّ عيباً آخر فبقي لا يمكن تحقيق معنى الرد.
ولو اشترى ديناراً بعشرة دراهم استحق نصف الدينار، رجع بنصف الدراهم وله نصف الدينار، ولا خيار له في الباقي؛ لأن الشركة في هذا ليس بعيب، وكذلك سر الفضة؛ لأن الشركة فيها ليس بعيب ولا يضرها التبعيض، ولو كان المبيع قلباً فاستحق البعض منه كان للمشتري أن يرد الباقي، إن شاء وإن شاء أمسكه بحصة؛ لأن الشركة ههنا عيب ويرد الباقي بعيب الشركة.
ولو باع درهماً بدينار، ثم قال: برئت لك من كل عيب بهذا الدرهم فوجده ستوقاً لم يبرأ.
والفرق: أن البراءة وقعت من عيب بالدراهم والزيف درهم قام به العيب الزيافة تحت البراءة، أما الستوقة ليست بدرهم فلا يمكن أن يجعل هذا واحداً تحت البراءة.
وعن محمد فيمن قال: أبيعك هذه الدراهم وأراها إياه، ثم وجدها زيوفاً قال: ببدلها إلا أن يقول: هي زيوف أو يبرأ عن عيبها؛ وهذا لأنها وإن عينت لا تتعين، فصار