وجود التعيين والعدم بمنزلة، ومطلق الدراهم تنصرف إلى الجياد فاستحق صفة الجودة بمطلق الاسم، وقد فاتت صفة الجودة إذا وجدها زيفاً، فكان له أن يبدلها قال: إلا أن شراء عن عينها فحينئذٍ لا يبقى له خيار العيب.
وعن محمد: فيمن اشترى ديناراً وتقابضا، ثم إن مشتري الدينار باع الدينار من ثالث، ثم وجد الثالث به عيباً فردها على الأوسط بغير قضاء، كان للأوسط أن يرده على الأول قال: ولا يشبه هذا العروض،
والفرق: أن الدنانير المعيبة لا تملك بالعقد؛ لأنها لا تتعين في العقد بالتعيين، وإنما يقع العقد على دراهم في الذمة، والملك في المعيبة يثبت بالقبض، وقد انتقض قبض الثالث بالرد فعاد إلى الأوسط قد تم ملكه فكان له الرد، فأما العروض، فإنها تملك بالعقد عيباً؛ لأنها تتعين بالتعيين في العقد، فإنما يعود إلى البائع بفسخ ذلك المبيع بالرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء إن كان فسخاً في المتعاقدين فهو عقد جديد في حق الثالث، فلم يعد إلى الأوسط قد تم ملكه في حق البائع الأول، فلا يكون له الرد على البائع الأول.
قال القدوري في «شرحه» : وليس في الدنانير والدراهم خيار الرؤية إذا كان الكل نوعاً واحداً، وكذلك سائر الديون في العقود وهذا؛ لأن الرد في خيار الرؤية لا يفيد إما؛ لأنه ينفسخ العقد بالرد؛ لأن العقد لم يرد على هذا المعين فكيف ينفسخ العقد برده؛ أو لأنه لو رده يأخذ مثله فيثبت له خيار الرؤية أيضاً، وكذلك في الكرة الثالثة فيؤدي إلى ما لا يتناهى، ولو كان شيئاً بعينه إناءً أو تبراً أو حلياً مصوغاً، فله أن يرد بالعيب وخيار الرؤية؛ (١٤٨أ٣) لأن الرد بخيار الرؤية ههنا مقيد؛ لأنها تتعين في العقد فينفسخ العقد فيه بالرد بخيار الرؤية، ولو استحق بعضه وهو بعينه قبل القبض أو بعده، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ ما بقي بالحصة، وإن شاء ترك فإن استحق ولم يحكم به للمستحق حتى أجاز المستحق جاز وكان الثمن فيما أجازه للمستحق يأخذه البائع ويسلمه إليه؛ وهذا لأن الظاهر الرواية العقد الذي جرى بين البائع والمشتري لا ينفسخ بمجرد الاستحقاق، وكذلك بحكم القاضي وسيأتي ذلك في «أدب القاضي» إن شاء الله.
وإذا لم ينفسخ ذلك العقد بمجرد الاستحقاق تلحقه الإجازة من المستحق، ويصير كان للعقد من الابتداء ورد بأن المستحق فيصير البائع وكيلاً من جهته وحقوق العقد تتعلق بالوكيل فيأخذ البائع الثمن من المشتري ويدفع إلى المستحق لهذا، وعن أبي يوسف: أن المستحق إذا قال عند الخصومة: أنا أقيم البينة لآخر العقد فحكم له أجاز بإجازته، وإن لم يقل ذلك لم يجز وههنا روايات أخر وسيأتي جملة ذلك في «أدب القاضي» .
ومما يتصل بهذا الفصل
إذا اشترى ديناراً بعشرة دراهم وتقابضا ثم جاء بائع الدينار بدراهم زيوف وقال: وجدتها في ذلك الدراهم وأنكر مشتري الدينار أن تكون هذه الدراهم من دراهمه، فالمسألة على وجوه: إما إن أقر بائع الدينار قبل ذلك فقال: قبضت الجياد أو قال: قبضت حقي أو قال: قبضت رأس المال أو قال: استوفيت الدراهم أو قال: قبضت