للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولو أن رجلاً اشترى آخر قلب فضة بعشرين ديناراً أو تقابضا، ثم إن بائع القلب حط عن المشتري عشرة دنانير فذلك جائز؛ لأن هذا الحط لو صح لا يبطل من حيث صح؛ لأنه يلتحق بأصل العقد، ويجعل من الابتداء كأنه باع قلب فضة بعشرة دنانير، وبيع القلب من الفضة بعشرة دنانير جائز كيف ما كان لاختلاف الجنس، ثم يبقى الحط جائزاً، وإن لم يقبض مشتري القلب قدر المحطوط من بائع القلب في مجلس الحط؛ لأن الحط ليس بصرف لا حقيقة ولا معنىً؛ لأنه إخراج بعض الثمن عن العقد من غير عوض يحصل للبائع، فإن قدر الحط يرجع إلى ملك المشتري من غير عوض، وإذا لم يكن فيه معنى البيع لا يمكن أن يعتبر صرفاً في حق الثالث فلا يجب القبض بخلاف الإقالة؛ لأنها بيع معنى فيمكن أن يعتبر صرفاً في حق الثالث فيجب القبض.g

قال: وإذا اشترى قلب فضة فيه عشرة دراهم بدينار ثم إن أحدهما زاد صاحبه شيئاً ينطر إن زاد بائع القلب وكانت الزيادة ثوباً ورضي به مشتري القلب فالزيادة جائزة؛ لأن الزيادة لو صحت لا تبطل من حيث صحت؛ لأنها تلتحق بأصل العقد من الابتداء، ورد على قلب فضة فيه عشرة دراهم، وعلى ثوب بدينار بذلك وذلك جائز، فهاهنا كذلك.

ولا يشترط قبض الثوب في المجلس؛ لأن ما يخص الثوب من الدينار بيع وليس بصرف، فإن كانت الزيادة ذهباً وكانت من قبل البائع ينطر إن كانت الزيادة ديناراً أو أكثر صحت الزيادة عند أبي حنيفة رحمه الله ويبطل العقد؛ لأن الدينار يكون بالدينار فيبقى القلب ربا، إن كانت الزيادة ديناراً ويبقى القلب مع شئ من الدينار ربا إن كانت الزيادة أكثر من الدينار.

وأما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: لا تصح الزيادة ويبقى العقد على الصحة، وإن كانت الزيادة نصف دينار فهو جائز، وتلتحق الزيادة بأصل العقد، وصار كأنه باع قلب فضة ونصف دينار بدينار وذلك جائز، إلا أنه يشرط قبض الزيادة في مجلس الزيادة بدل الصرف.

فإن قيل: كان ينبغي أن لا يصح العقد في الزيادة، وإن وجد قبض الزيادة في مجلس الزيادة، لأن الزيادة متى صحت التحقت بأصل العقد وصارت كالموجود لدى العقد، فإذا صارت كالموجود لدى العقد كأنه باع قلب فضة ونصف دينار بدينار، وقبض الدينار وسلم القلب ولم يسلم نصف الدينار حتى تفرقا، وهناك لا يصح العقد في الزيادة وهي نصف الدينار كذا هاهنا.

والجواب: لأن الزيادة متى صحت التحقت بأصل العقد القائم وقت الزيادة، ولا يستند إلى وقت إنشاء العقد حتى لا يثبت الملك في الزيادة مستنداً إلى وقت إنشاء العقد، وإنما يثبت الملك في الزيادة من وقت شرط الزيادة وهذا؛ لأن ثبوت الزيادة وقول العاقد ردت، وإنه وجد الآن والحكم لا يثبت.

فهو معنى قولنا: أن الزيادة لا تلتحق بإنشاء العقد السابق، وإنما تلتحق بأصل العقد القائم حكماً؛ وهذا لأن أصل العقد السابق قائم في الحال حكماً ولهذا يرد عليه الفسخ، وإذا التحقت بالزيادة بالعقد القائم وقت شرط الزيادة كان مجلس الزيادة في حق الزيادة كمجلس العقد، فلهذا يصح قبض الزيادة في

<<  <  ج: ص:  >  >>