بطريق الاحتياط فهذا أولى، وإن لم يعلم مقدار الدراهم وقت البيع ثم علم بعد ذلك فكانت أكثر من الفضة التي في السيف، فإن علم وهما في مجلس العقد بعد جاز البيع، وإن علم بعد ما افترقا عن المجلس لم يجز البيع، والأصلُ أن في كل موضع اعتبرت المماثلة بين البدلين في المعيار الشرعي شرطاً لجواز العقد تعتبر المماثلة في المعيار وقت البيع.
ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله هذا الأصل في شرح كتاب البيوع آخر الباب الأول إلا أن ساعات المجلس جعلت كساعة واحدة شرعاً في حق الأحكام المتعلقة بالمجلس فيجعل العلم بمقدار الدراهم في آخره كالعلم به وقت المباشرة للعقد وعلى هذا بيع صبر بصبرة مجازفة ثم كيلاً بعد الافتراق عن المجلس فكان متساويين كيلاً لم يجز وطريقةُ ما قلنا.
قال القدوري: وكذلك لو اختلف أهل العلم فيه فقال بعضهم: الثمن أكثر من الفضة التي في السيف.
وقال بعضهم: لا بل هو مثلها لا يجوز البيع؛ لأن الرجوع إلى قول البعض ليس بأولى فسقط اعتبار قولهم لمكان التناقض والتحق قولهم بالعدم.
وإذا باع الرجل من آخر حلي ذهب ولؤلؤ وجواهر بدنانير وقبض المشتري الحلي فهذا على أربعة أوجه:
أحدها: أن يكون الدنانير مثل الذهب الذي في الحلي.
الوجه الثاني: أن تكون الدنانير أقل من الذهب الذي في الحلي.
الوجه الثالث: إذا كان لا يدري أن الدنانير التي هي ثمن مثل الذهب الذي في الحلي أو أقل أو أكثر في هذه الوجوه الثلاث لا يجوز البيع أصلاً لا في الذهب، ولا في الجواهر سواء أمكن تخليص الجواهر من غير ضرر أو لم يمكن أما في الذهب فظاهر، وأما في الجواهر أما إذا أمكن تخليص الجوهر من غير ضرر؛ فلأن الجواهر في هذه الصورة كالممتاز حكماً إن كان متصلاً حقيقة، ألا ترى أن من غصب جوهراً وركبه في حلية ويمكن تخليصه (١٥١ب٣) بغير ضرر لا ينقطع على المالك كأنه ممتاز حقيقة، وقد اشتراهما جميعاً بدنانير، والدنانير مثل الذهب أو أقل أو لا يدري، لم يجز البيع أصلاً لا في الذهب ولا في الجوهر فكذا هاهنا، وإذا كان لا يجوز هذا البيع في الجوهر.
وإن أمكن تخليص الجوهر عنه من غير ضرر؛ فلأن لا يجوز البيع في الجوهر إذا لم يمكن تخليصه إلا بضرر وقد يمكن في الجوهر سبب فساد آخر، وهو أنه باع ما لا يقدر على تسليمه إلا بضرر أولى، وأما إذا كانت الدنانير التي هي ثمن أكثر من الذهب الذي في الحلي، فالبيع جائز في الكل في الذهب وفي الجوهر، ويصرف إلى الذي في الحلي من الذهب الذي هو ثمن قدر مثله والباقي بإزاء الجوهر واللألئ فبعد ذلك المسألة على ثلاثة أوجه:
إن نقد الدنانير التي هي ثمن كلها قبل أن يتفرقا فالعقد ماض على الصحة، أما في حصة الذهب الذي في الحلي؛ فلأنه صرف وقد وجد التقابض قبل الافتراق، وأما في حصة الجوهر؛ فلأنه للبيع وقد قبض منه قبل الافتراق، ولم يقبض