ثمنه قبل الافتراق لكان لا يفسد العقد لحصول الافتراق فيه عن عين بدين فههنا أولى.
وكذلك إن نقد من الدنانير التي هي عين حصة الذهب الذي هو في الحلي يريد به أنه نقد من الدنانير التي هي من ثمن حصة الذهب الذي هو في الحلي ولكن لم ينص على أنه حصة الذهب؛ لأن قبض حصة الذهب مستحق في المجلس شرعاً وقبض حصة اللألئ والجواهر ليس بمستحق في المجلس وغير مستحق لا يعارض المستحق.
فجعلنا المنقود حصة الذهب فتبين أن الافتراق فيما هو صرف حصل بعد القبض، فلهذا بقي العقد على الصحة، وإن لم ينقد شيئاً من الدنانير حتى تفرقا، لا شك أن العقد فيما يخص الحلي من الذهب يفسد فيما يخص الجوهر هل يفسد؟ ينظر إن كان الجوهر بحيث لا يمكن تخليصه إلا بضرر يفسد؛ لأن العقد في حصة الجوهر بيع فقد باع ما لا يمكن تسليمه، فكل بيع هذه حالة، لا يكون فاسداً عرف ذلك في موضعه.
فإن قيل: أمكنه التسليم من غير ضرر أن يحلى بين المشتري وبين الحلي كله فيصير قابضاً الجوهر، ألا ترى أنه لو باع نصف الجوهر شائعاً يجوز.
وطريق الجواز: أن تسليم المبيع ممكن من غير ضرر بأن يحلى بين المشتري وبين جميع الجوهر.
قلنا: العقد إذا ورد على الشائع، فالواجب تسليم المبيع مع غيره؛ لأن تسليمه بنفسه لا يمكن؛ لأن الشائع ما يكون مختلطاً بغيره.
فأما إذا ورد على شيء بعينه يجب تسليمه بنفسه ولا يمكن تسليم الجوهر هاهنا بنفسه إلا بضرر.
فإن قيل: البائع رضي بضرر التخليص لما باع مع علمه أن البيع يقتضي التسليم ولا يمكنه التسليم إلا بالتخليص.
قلنا: نعم رضي بالتخليص إلا أنه بدا له الرجوع عن هذا الضرر وله ذلك.
ألا ترى أن من رضي بإتلاف شئ من ماله ثم بدا له قبل الإتلاف أن لا يتلف عليه ذلك كان له ذلك كذا ههنا، وأما إذا أمكن تخليصه من غير ضرر لا يفسد العقد في الجوهر؛ لأنه إذا أمكن تخليصه فهو كالممتاز من حيث الحكم، ولو كان ممتازاً حقيقة وقد اشتراهما بدينار، فإن العقد يفسد في حصة الذهب ولا يفسد في حصة الجوهر كذا هاهنا.
هذا إذا باع الحلي بدنانير يفسد، فأما إذا باع الحلي بدنانير نسيئة فهو على أربعة أوجه:
إن كان المسمى من الدنانير مثل الذهب الذي في الحلي وفي الجوهر؛ لأن الدنانير لو كانت نقداً لا يجوز البيع في الوجوه الثلاث لمكان ربا الفضل؛ فلأنه لا يجوز البيع في مثل هذه الوجوه إذا كانت الدنانير نسيئة وقد اجتمع مع ربا الفضل ربا النسيئة كان أولى، فأما إذا كانت الدنانير أكثر من الذهب الذي في الحلي لا شك أن العقد يفسد فيما يخص الحلي من الذهب؛ لأنه صرف لم يوجد قبض بدله في المجلس.
فأما فيما يخص الجوهر هل يجوز البيع؟ ينظر: إن لم يمكن تخليصه إلا بضرر يفسد البيع في حصة الجوهر؛ لأن ثمن الجوهر، فإذا كان نسيئة أولى وإن أمكن تخليصه