عن مجلس الصرف كل واحد منهما إلى ناحية أخرى فقبض رب المال لا يجوز لما ذكرنا أن الوكيلين في حق حكم القبض بمنزلة المالكين فذهبا عن مجلس العقد كل واحد إلى حيه، ووكلا رجلاً بالقبض فقبض لم يجز كذا هاهنا.
وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها له بدينار، فصرفها الوكيل وتقابضا وأقر مشتري الدراهم باستيفاء الدراهم ثم جاء مشتري الدراهم بدرهم زيف وقال: وجدتها في تلك الدراهم فقبله الوكيل وأقر أنه من تلك الدراهم لزم الوكيل دون الموكل؛ لأن الرد على الوكيل حصل بإقراره، فإنه لولا إقراره أن هذا من تلك الدراهم، وإلا لما تمكن مشتري الدراهم من رده لما أقر بالاستيفاء والرد بالعيب على الوكيل، أو كان بإقراره والوكيل لا يلزم المردود كما في بيع العين.
قال: لو جحد الوكيل (١٥٢ب٣) أن هذه الدراهم من تلك الدراهم، فأقام مشتري الدراهم بينة أن هذه من تلك الدراهم، ولم يكن أقر مشتري الدراهم بالاستيفاء، فالقاضي يقبل بينته ويرد الدرهم على الوكيل ويلزم الآمر.
فمن المشايخ من قال ما ذكر في «الكتاب» : أن القاضي يقبل بينة مشتري الدراهم أن الدرهم من تلك الدراهم، إذا لم يقر بالاستيفاء حطاً؛ لأن في هذه الصورة القول قول المشتري أن هذه الدراهم من تلك الدراهم استحساناً في مسألة السلم إليه بدرهم زيف.
وقال: وجدت هذا في رأس المال ولم يكن أقر بالاستيفاء، وكما في بيع العين إذا جاء البائع بدرهم زيف، وقال: وجدته في الثمن ولم يكن أقر بالاستيفاء كان القول قوله استحساناً فكذا هاهنا، وإذا كان القول قوله لم يكن في هذه الصورة موضع إقامة البينة في غير موضعها كيف يسمع.
وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله والشيخ الإمام شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله صحح ما ذكر محمد في «الكتاب» فقال: بلى القول (قول) مشتري الدراهم في هذه الصورة استحساناً، ولكن مع اليمين فهو بهذه البينة أسقط اليمين عن نفسه، والبينة لإسقاط اليمين مقبولة، ألا ترى أن المودع إذا أقام البينة على الرد والهلاك فيثبت بينته مع أن القول في الرد والهلاك قوله، إنما قلت لإسقاط اليمين عن نفسه كذا هاهنا.
وكان الشيخ الإمام الزاهد عبد الله بن الحسين بن أحمد رحمه الله يقول: ليس في «الكتاب» أن مشتري الدراهم يكلف إقامة البينة، وإنما فيه أنه إذا أقام البينة قلت ببينته، والعلة أقام البينة لدفع اليمين عن نفسه وكان كالمودع قال: وكذلك إن استحلف الوكيل على ذلك ونكل ورد عليه بنكوله لزم الموكل، وهكذا ذكر محمد رحمه الله بعض مشايخنا قالوا: هذا الجواب خطأ أيضاً؛ لأنه لا يمين على الوكيل في هذه الصورة، وإنما اليمين على مشتري الدراهم أن هذا الدرهم من تلك الدراهم؛ لأن الشرع جعل القول قول مشتري الدراهم في هذه الصورة من جعل القول قوله شرعاً يتوجه عليه اليمين.
فإنما يرد إذا حلف على ذلك، إما أن حلف على ذلك وإما أن يحلف الوكيل فلا،