وإنما الصحيح من الجواب أن يحلف مشتري الدراهم، ويرد على الوكيل ويكون ذلك رداً على الآمر؛ لأنه رد على الوكيل بغير اختياره بما هو حجة في حق الآمر فيظهر ذلك في حق الآمر.
قلنا: ما ذكر من الجواب صحيح، ولكن على طريق القياس لا على طريق الاستحسان؛ لأن على طريق الاستحسان: لا يمين على الوكيل، وعلى طريق القياس: على الوكيل اليمين، والقول قول الوكيل مع يمينه كما في بيع العين، فكان ما ذكر من استحلاف الوكيل ونكوله ذكره على طريق القياس.
وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها له بدنانير فصرفها، وتقابضا فليس للوكيل أن يتصرف بعد ذلك في الدنانير نسي؛ لأن الدنانير ملك الموكل؛ لأنهما ثمن دراهمه ولم يأذن الموكل للوكيل بالتصرف فيها بأن يشتري له إبريق فضة بعينه بدراهم فاشتراه بدراهم كما أمر به، ونوى أن يكون المشتري لنفسه كان المشتري للآمر، ولو اشتراه بدنانير وعرض كان المشتري للوكيل.
ولو كان وكله أن يشتري إبريق فضة بعينه ولم يسم له الثمن فاشتراه بدراهم أو دنانير، فالمشتري للموكل.
ولو اشتراه بعرض أو بشيء من المكيل أو الموزون، فالمشترى للوكيل؛ وهذا لأن مطلق التوكيل كيل بالشراء ينصرف إلى الشراء بالنقد، فكأنه صرح به، وهناك إذا اشتراه بالدراهم أو الدنانير كان للموكل، ولو اشتراه بشئ من المكيل والموزون كان المشتري للوكيل كذا هاهنا، ولو وكله بفضة له ببيعها ولم يسم له الثمن فباعها بفضة أكثر منها لم يجز كما لو باعها الموكل بنفسه لا يضمن الوكيل؛ لأنه موافق أمر آمره؛ لأن التوكيل بالبيع منصرف إلى البيع الجائز والفاسد جميعاً.
قال: والذي وكل أحق بهذه الفضة من الوكيل يريد به الفضة التي قبضها الوكيل من مشتري الإبريق؛ لأن الفضة التي قبضها الوكيل ملك الموكل؛ لأنه بدل ملكه؛ إذ البيع قد نفذ على الموكل على ما ذكرنا قال: إلا أنه يأخذ من الوكيل مثل وزن فضة، وإن كان الكل لمكاله؛ لأنه لو أخذ زيادة على ذلك يلزمه أن يرده ثانياً على الوكيل على المشتري فلا يفيد أخذ الزيادة، والشرع لا يرد بما لا يفيد قالوا: تأويل ما قاله محمد رحمه الله: أن الموكل أحق بالفضة التي قبضها الوكيل أن الموكل إذا كان بحال لا يقدر على أخذ فضة بعينها، بأن غاب قابضها، أوكان حاضراً واستهلكها فمتى كانت الحالة هذه كان له أن يأخذ مما في يد الوكيل مثل فضة وزناً؛ لأن فضته صارت ديناً على القابض، وقد ظفر بجنس حقه من مال القابض فكان له أن يأخذ ذلك، فإما إذا كان قادراً على أخذ فضته بعينها، فإنه يأخذ ذلك حتى تزول المعصية ولا يأخذ ذلك حتى تزول المعصية ولا يأخذ ما في الوكيل؛ لأن فيه تقرير الفساد وسبيل الفساد رفعه لا تقريره.
وإذا وكل الرجل رجلاً ببيع تراب الصواغين أو تراب المعادن كان جائزاً؛ لأن الموكل يملك بيع ذلك فيملك التوكيل به، فإن باعه بذهب أو فضة لم يجز، كما لو باع