للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيف الذي اشتراه، ولم يقبض الأخر السيف الذي اشتراه حتى افترقا فسد العقد من الكل.

والأصل في جنس هذه المسائل: أن في أموال الربوية يصرف الجنس إلى الجنس في المبادلات إذا لم يكن في صرف الجنس إلى الجنس فساد المبادلة، وإن كان في صرف الجنس إلى الجنس فساد المبادلة يصرف الجنس إلى خلاف الجنس، وإنما وجب صرف الجنس إلى الجنس عند جواز العقد بالنص، وهذا قوله عليه السلام: «الذهب بالذهب مثل بمثل، والفضة بالفضة مثل بمثل» ، فقد جعل الجنس مستحقاً بالجنس حال جواز العقد، فإنه جعل الجنس بالجنس حالة المماثلة وحال المماثلة في الأموال الربوية حال جواز العقد.

ونوع من المعنى يدل عليه أنا لو صرفنا الجنس إلى خلاف الجنس احتجنا إلى التقويم بآرائنا واجتهادنا، وإذا صرفنا الجنس إلى خلاف الجنس استغنينا عن الاجتهاد، فإنه لا مزية لأحدهما على الأخر؛ لأن المالية تنشأ عن الذات، فإذا استويا في الذات استويا في القيمة من حيث القطع، وإنما وجب صرف الجنس إلى خلاف الجنس إذا كان في صرف الجنس فساد المبادلة؛ لأن صرف الجنس إلى الجنس إذا لم يكن فيه فساد العقد بالنص ولا نص فيما إذا كان صرف الجنس إلى الجنس فساد العقد، فبطلت.

فيه دليل أخر يوجب صرف الجنس إلى خلاف الجنس وهو ظاهر عقلهما ودينهما؛ لأن الظاهر من حال العاقل المتدين مباشرة الصحيح، والجائز من العقود دون الفاسد، والجواز هاهنا يصرف الجنس إلى خلاف الجنس.

إذا ثبت هذا فنقول ليس في صرف الحلية إلى الحلية هاهنا فساد العقد، أما إذا كانت الحليتان في الوزن على السواء فظاهر، فأما إذا كان أحداهما أقل من الأخرى؛ فلأن أقلهما يكون بمثل وزنها من الأخرى، والباقي من الحلية التي هي أكثر مع حقه ونصله بمقابلة الجفن والنصل من الآخر، فصرفنا الجنس إلى الجنس.

وإذا فعلنا هكذا كانت الحلية فإذا افترقا من غير قبض أحداهما فقد بطل العقد في صحة الحلية لوجود الافتراق قبل قبض البدل الصرف، فيبطل في الكل؛ لأن الكل بمنزلة شيء واحد وقد مر جنس هذا فيما تقدم.

فإن قيل: إن لم يكن في صرف الجنس إلى الجنس هاهنا فساد العقد في الحال ففيه فساد العقد في الثاني، وهو ما إذا افترقا من غير قبض إحداهما، وليس في صرف الجنس إلى خلاف الجنس فساد العقد لا في الحال ولا في الثاني؛ لأن العقد حينئذ لا يكون صرفاً أصلاً، وكما يحتال لتصحيح العقد يحتال لإيفاء العقد على الصحة.

ألا ترى أن من اشترى من أخر ثوباً وعشرة دراهم بعشرين درهماً وقبض مشتري الثوب والدراهم الثوب والدراهم ونقد عشرة دراهم ولم يقل: إنها بمقابلة الدراهم أو بمقابلة الثوب يجعل بمقابلة

<<  <  ج: ص:  >  >>