الدراهم، وإنما يجعل بمقابلة الدراهم إيفاء للعقد على الصحة كذا هاهنا.
قلنا: إنما يحتال لبقاء العقد على الصحة إذا أمكن، أما إذا لم يمكن فلا؛ وهذا لأن الاحتيال لإيفاء العقد على الصحة بحكم ظاهر عقلهما ودينهما؛ لأن الظاهر من حال العاقل الدين أنه يقصد مباشرة العقد على وجه يبقى على الصحة، وبقاؤه على الصحة هاهنا يصرف الجنس إلى خلاف الجنس، إلا أن في هذا الظاهر تعارض؛ لأن هذا الظاهر كما يقتضي صرف الجنس إلى خلاف الجنس يقتضي صرف الجنس إلى الجنس حتى يجب التقابض في مجلس الصرف، فيحصل مقصود كل واحد منهما من عقد الصرف؛ لأن مقصود كل واحد منهما من عقد الصرف لا يتم إلا بالقبض، وليس أحد الظاهرين بالاعتبار بأولى من الآخر؛ إذ ليس في اعتبار أحدهما فساد العقد وفي اعتبار الآخر جوازه، فسقط اعتبار كلا الظاهرين ويعمل فيه بظاهر قوله عليه السلام:«الذهب بالذهب مثل بمثل» .
بخلاف ما ذكر من المسألة؛ لأن هناك الاحتيال لإيفاء العقد على الصحة ممكن؛ لأنه لا يعارض فيما ذكرنا من الظاهر؛ لأن في جعل المنقود بمقابلة العشرة إيفاء العقد على الصحة، وليس في جعله بإزاء الثوب تفويت عرض المتعاقدين، فعملنا بالظاهر الذي قلنا في صرف المنقود إلى العشرة إيفاء العقد على الصحة، وأما هاهنا بخلافه على ما ذكرنا.
وإذا اشترى الرجل من أخر سيفاً محلى بفضة بعينه بثوب وعشرة دراهم وتفرقا قبل أن (١٥٨أ٣) يتقابضا بطل العقد في الكل؛ لأن العشرة التي مع الثوب مصروفة إلى الحلية إن كانت الحلية مثل وزنها، وإن كانت الحلية أكثر من وزنها يصرف العشرة إلى الحلية بمثل وزنها، والباقي من الحلية والنصل والجفن كله بمقابلة الثوب.
بناء على ما قلنا: إن في أموال الربوية يصرف الجنس إلى الجنس إذا لم يكن فيه فساد العقد، وليس في صرف الجنس إلى الجنس فهاهنا فساد العقد، فصارت العشرة بمقابلة الحلية، فإذا افترقا قبل التقابض بطل العقد في حصة الصرف، فيبطل في الباقي ضرورة لما مر.
ولو باع من آخر ثوباً ونقرة فضة بثوب ونقرة فضة فالفضة تصرف إلى الفضة والثوب؛ إذ ليس في صرف الفضة إلى الفضة فساد العقد ففعلنا كذلك، فإن افترقا قبل القبض التقابض حتى فسد العقد في الفضة بالفضة لا يفسد في الثوب بالثوب؛ لأن العقد في الثوب بالثوب ليس بصرف.
بخلاف مسألة السيف المحلى، فإن هناك لا يمكن تسليم الباقي إلا بضرر، ولهذا المعنى لم يجز بيع النصل والجقن بدون الحلية ابتداءً.
أما في تسليم الثوب ممكن من غير ضرر، والعقد فيه ليس بصرف، ففساد العقد في الحلية لم يوجب فساد العقد في الصرف، أما في مسألة السيف فبخلافه على ما ذكر.