ولو أن رجلاً باع من آخر ثوباً وديناراً بثوب ودرهم، وتفرقا قبل التقابض بطل العقد فيما تقابل الدينار من الدرهم والدرهم من الدينار، وجاز العقد في الباقي، ولا يصرف الجنس إلى الجنس الثوب إلى الثوب، وإن لم يكن في صرف الجنس إلى الجنس فساد العقد؛ لأن صرف الجنس إلى الجنس عرف بالحديث في الأموال الربوية الذهب بالذهب، والثوب ليس بمال الربا، والدرهم والدينار وإن كانا مال الربا إلا أنهما اختلفا جنساً، وإذا لم يجب صرف البعض على التعيين إلى البعض، هاهنا عمل بقضية المقابلة والمقابلة مطلقة وقضية المقابلة المطلقة انقسام كل جزء من أجزاء كل واحد من البدلين على كل جزء من أجزاء البدل الآخر.
قسمنا الدينار والثوب على الدرهم والثوب باعتبار القيمة فما أصاب الدينار من الدرهم يكون صرفاً وما أصاب الثوب من الثوب يكون بيعاً فتبطل حصة الصرف بالافتراق عن المجلس، ولا تبطل حصة الثوب؛ إذ ليس فيه ما يوجب الفساد.
وإذا أردت معرفة طريق قسمة الثوب والدرهم على الثوب والدينار.
فطريقه: أن يقوم الثوب والدينار، فإن كان قيمة كل واحد منهما عشرة دراهم صار نصف الثوب ونصف الدرهم بإزاء الثوب الذي مع الدينار، وصار نصف الثوب ونصف الدرهم بإزاء الدينار، فصار الثوب الذي مع الدينار مشترى بنصف الثوب والدرهم، وصار الدينار مشترى بنصف ثوب قيمته خمسة وبنصف درهم، فجعل كل نصف درهم جزءاً، فصار خمسة دراهم عشرة أجزاء، وصار نصف درهم جزءاً فصار نصف الثوب ونصف الدرهم على أحد عشر جزءاً، وظهر أن الصرف إنما جرى في جزء واحد من أحد عشر جزءاً من الدينار بنصف درهم، فإذا تفرقا قبل القبض بطل هذا القدر من الدينار بنصف درهم وجاز ما سوى ذلك.
وإن أردت أن تقسم الدينار والثوب على الدرهم والثوب، فاقسم بالطريق الذي قلنا، وقوِّم المقسوم عليه وهو الثوب والدرهم، فأما المقسوم وهو الثوب والدينار، فلا حاجة إلى تقويهما، فإذا بطل العقد في حصة الصرف في هذه المسألة لا خيار ولواحد منهما؛ لأن عيب التبعيض بفعل كل واحد منهما، وهو ترك القبض والتسليم، فيكون كل واحد منهما راضياً بعيب التبعيض.
ولو باع درهماً ودينارين بدينار ودرهمين صح العقد عندنا، ولا يصرف الجنس إلى الجنس؛ لأن في صرف الجنس إلى الجنس فساد العقد.
ولو اشترى رجل من رجل مثقالاً من فضة، ومثقالاً من نحاس بمثقال من فضة وثلاث مثاقيل من حديد، فهو جائز عندنا، ويجعل المثقال من الفضة بمثله من المثقالين، ويجعل النحاس الذي مع هذا المثقال بمثقال فضة وثلاث مثاقيل حديد، وكذلك مثقال صفر ومثقال حديد بمثقال صفر ومثقال رصاص يجوز، ويجعل مثقال صفر بمثقال صفر، والحديد بالرصاص.
وإذا اشترى إناء من نحاس برطل من حديد بغير عينه ولم يضرب له أجلاً وقبض