للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدار بخمسمائة، ويرجع الشفيع الأول على المشتري بخمسمائة، حصة النصف الذي أخذه الثاني ويقال للشفيع الأول: إن شئت أعد البينة على المشتري من قبل النصف الذي في يدك، وإلا فلا شيء لك؛ لأن الشفيع الثاني إنما يستحق ببينته نصف الدار، هكذا ذكر في «الكتاب» .

ومعنى المسألة: أن الشفيع الأول لو قال للمشتري: أن الشفيع الثاني أثبت البينة أن الشراء كان بألف فيكون بمقابلة النصف الذي في يدي خمسمائة، فلي أن أرجع عليك بخمسمائة، ليس له ذلك إلا إذا أعاد البينة أن الشراء كان بألف، لما أشار إليه في «الكتاب» : أن الشفيع الثاني إنما استحق ببينته نصف الدار.

ومعناه: أن بينة الشفيع الثاني لما عمل في نصف الدار ثبت الشراء بألف في حق ذلك النصف الذي استحقه الشفيع الثاني، لا في حق النصف الذي في يد الشفيع الأول فيحتاج الشفيع الأول، إلى إعادة البينة، لثبت الشراء بالألف في النصف الذي في يديه، فيستحق الرجوع على المشتري بالخمسمائة الزائدة.

في القدوري: اتفق البائع والمشتري أن البيع كان يشترط الخيار للبائع، وأنكر الشفيع فالقول قولهما، في قول أبي حنيفة ومحمد، وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمهم الله: ولا شفعة للشفيع؛ لأن البيع ثبت بإقرارهما، وإنما ثبت على الوجه الذي أقربه، وفي إحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله: القول قول الشفيع؛ لأن الأصل في البيع البات، فكان الشفيع متمسكاً بالأصل.

وفي «الجامع» : إذا ادعى البائع الخيار وأنكر المشتري والشفيع، فالقول قول المشتري استحساناً؛ لأن الخيار لا يثبت إلا بالشرط والمشتري ينكر، وذكر في «النوادر» : أن القول قول البائع وهو الصحيح، وكذا لو ادعى المشتري الخيار، وأنكر البائع والشفيع ذلك، فالقول قول البائع: ويأخذها الشفيع.

لما قلنا في «فتاوى الفضلي» : رجلان تبايعا، وطلب الشفعة يحضر بهما فقال البائع: سنتابع معاملة، وصدقه المشتري على ذلك، لا يصدقان على الشفيع؛ لأنهما أقرا بالأصل البيع فيكون القول قول من يدعي الجوار، إلا إذا كان الحال يدل عليه، بأن كان المنزل كثير القيمة وقد بيع بثمن لا يباع مثله بمثله، فحينئذ يكون القول قولهما ولا شفعة للشفيع.

ألا ترى أن في الوجه الأول: لو اختلف البائع والمشتري في هذه الصورة فقال البائع: بعت معاملة، وقال المشتري: اشتريت لا معاملة، كان القول قول المشتري، وفي الوجه الثاني: لو اختلفا كان القول قول البائع في «المنتقى» .

باع داراً من رجل ثم إن المشتري والبائع تصادقا أن البيع كان فاسداً، وقال الشفيع: كان جائزاً فالقول قول الشفيع، ولا أصدقهما على فساد البيع في حق الشفيع بشيء لو ادعى أحدهما، وأنكر الأخر جعلت القول فيه قول الذي يدعي الصحة، وإذا زعما أن البيع كان فاسداً، جعلت القول فيه قول من يدعي الفساد، فإني أصدقهما، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>