والفرق: أن رجوع المشتري بقيمة البناء من حيث إن البائع ضمن سلامة البناء للمشتري، وهذا المعنى لا يتأتى في حق الشفيع؛ لأن المأخوذ منه الدار لم يضمن له سلامة البناء؛ لأن الشفيع أخذ الدار على كره منه وضمان السلامة لا يثبت بدون الرضا.
وفي «المنتقى» : الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله: أن الشفيع إن كان أخذ الدار بقضاء لا يرجع بقيمة البناء على كل حال، وهو قول أبي يوسف رحمه الله أولاً، وكان أبو يوسف يرويه عن أبي حنيفة أيضاً، وروى ابن أبي مالك عن أبي يوسف: أنه يرجع بقيمة البناء على من أخذ الدار منه، وكتب عليه عهدته؛ لأنه بمنزلة البائع ويستوي فيه الحكم وغير الحكم.
في «الأصل» : رجل زعم أنه باع داره من فلان بكذا ولم يأخذ الثمن، فقال فلان: ما اشتريتها منك كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة؛ لأن في زعم البائع أن البيع ثابت وصدقه الشفيع في ذلك، فكان للشفيع أن يأخذ للبائع في ذلك بزعمه، هذا إذا أقر أنه باع من فلان وفلان حاضر ينكر الشراء، فأما إذا كان غائباً فلا خصومة للشفيع مع البائع حتى يحضر المشتري؛ لأن الشراء من الغائب قد ثبت بتصديق البائع والشفيع، فيعتبر بما لو كان ثابتاً معاينة وغاب المشتري، فلا خصومة للشفيع مع البائع إلى أن يحضر المشتري؛ لأن الملك يستحق عليه، فلا بد من حضرته، فكذا ها هنا.
ذكر في أول باب طلب الشفعة، قال هشام: سألت محمداً عن رجل باع داراً إلى جنب رجل وهو شفيعها، والشفيع يزعم أن الدار المبيعة له، ويخاف أنه إن ادعى رقبتها تبطل شفعته، وإن ادعى الشفعة تبطل دعوى الرقبة، فكيف يصنع؟.
فأجاب، وقال: ينبغي له أن يقول: هذه الدار داري وأنا أدعي رقبتها، فإن وصلت إليها وإلا فأنا على شفعتي فيها، فإذا قال هذا لا يبطل شفعته بدعواه الرقبة.
وفي «النوازل» : دار بيعت وفيها لرجل هو شفيعها حق فأراد أن يطلب الشفعة على وجه لا تبطل دعواه ينبغي أن يقول: طلبت الشفعة إن لم يثبت لي فيها حق الذي ادعى فيها.
وفي «المنتقى» : في آخر باب طلب الشفعة: إذا باع الرجل داره فادعى رجل أنها داري وأنا أقيم البينة، فإن لم يزك بينتي فأنا آخذها بالشفعة؛ لأن داري لزيقها فلا شفعة له فيها من قبل أنه ادعى ملكها وزعم أنه لا شفعة له فيها.
وفيه أيضاً: رجل له دار غصبها غاصب، فبيعت دار بجنبها والغاصب والمشتري جاحدان الدار للشفيع ينبغي أن يطلب الشفعة حتى إذا أقام البينة على الملك يتبين أن الشفعة كانت ثابتة له، فطلب خاصم الغاصب إلى القاضي وأخبره عن صورة الأمر، فبعد ذلك قضى القاضي له بالدار وبالشفعة في الدار الأخرى، وإن لم يقم البينة فالقاضي يحلفهما جميعاً فبعد ذلك المسألة على وجوه: إن حلفا فالقاضي لا يقضي له بإحدى الدارين، وإن نكلا فالقاضي يقضي بالدارين، وإن حلف الغاصب ونكل المشتري لا يقضي له بالدار المغصوبة، ويقضي له بالشفعة، وإن حلف المشتري ونكل الغاصب يقضي