للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بالدار المغصوبة، ويقضي له بالشفعة؛ لأن النكول إقرار وإقرار كل مقر حجة عليه خاصة.

ذكر هشام في «نوادره» : سمعت أبا يوسف يقول في رجل صالح رجلاً من دار ادعاها في يديه على مائة درهم وهو جاحد، فأقام الشفيع البينة أنها للذي ادعاها قال: يأخذها.

في «القدوري» : اشترى داراً ولها شفيع، فبيعت دار إلى جنب هذه الدار، فطالب بالشفعة، وقضى له ثم حضر الشفيع قضي له بالدار الأولى لجواره، ويمضي الحكم في الثانية للمشتري؛ لأنه كان جاراً له البيع والحكم له، فبطلان الجوار لا يبطل حكم الواقع كما لو باع المشفوع بها.

ولو كان الأول جاراً للدارين حكم له بالدار الأولى بالجوار وبنصف الدار الثانية؛ لأن الشفيع مع المشتري جاران للدار الثانية، وروي عن أبي يوسف رحمه الله فيمن اشترى نصف دار ثم اشترى آخر نصفها الأخرى، فخاصمه المشتري الأول فقضي له بالشفعة بالشركة ثم خاصمه جار (١٧٩ب٣) في الشفيعين، فالجار أحق بالشراء الأول، ولا حق له في الثاني.

وكذلك لو اشترى نصفها ثم اشترى نصفها؛ لأنه شريك وقت شراء النصف الثاني، فكان أولى بالشفعة من الجار، ولو كان المشتري للنصف الثاني غير المشتري للنصف الأول، فلم يخاصمه فيه حتى أخذ الجار النصف الأول، فالجار أحق بالنصف الثاني؛ لأن ملك المشتري الأول قد بطل قبل الأخذ بالشفعة، فيبطل حقه في الشفعة.

ولو أن رجلاً ورث داراً فبيعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة، ثم بيعت دار أخرى بجنب الدار الثانية، ثم استحقت الدار الموروثة وطلب المستحق الشفعة، فإنه يأخذ الدار الثانية ويكون الوارث أحق بالدار الثالثة، هكذا ذكر القدوري، ولم يذكر ما إذا لم يطالب المستحق الشفعة، وذكر في القدوري: أن الدار الثانية ترد على المقضي عليه بالشفعة يعني للذي كان اشتراها والدار الثالثة تترك في يد الذي هي في يديه.

في الباب الأول من شفعة «الجامع:» رجل اشترى داراً وقبضها فأراد الشفيع أخذها فقال المشتري: بعتها من فلان وخرجت من يدي، ثم أودعينها لم يصدق، وجعله خصماً للشفيع؛ لأن الشفيع ادعى لنفسه حقاً في هذه الدار وذو اليد أقر أنه كان خصماً له ثم ادعى أنه لم يبق خصماً له، فلا يصدق، فإن أقام البينة على ذلك لا تسمع بينته.

وكذلك لو قال: وهبتها لفلان وقبضها ثم أودعينها لا يقبل قوله، ولو أقام على ذلك بينة، فإن حضر المشتري في الفصل الأول والموهوب له في الفصل الثاني، وكان ذلك بعد قضاء القاضي للشفيع، وأقام البينة على الشراء أو على الهبة لا تسمع بينته، وكان القضاء بالشفعة نقضاً للشراء والهبة؛ لأن صاحب اليد صار مقضياً عليه، فكل من ادعى تلقي الملك من جهة صاحب اليد يصير مقضياً عليه، ألا ترى أنه لو كان مكان دعوى الشفعة دعوى الملك في هذه الدار وقضي القاضي بالملك للمدعي، ثم حضر المشتري والموهوب له وأقام البينة على الشراء والهبة لا يقبل بينته كذا ها هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>