حال، قال حتى قالوا في الذي يؤذن لمولود: ينبغي أن يحول وجهه يمنةً ويسرةً عند هاتين الكلمتين، وإن استدار في الصومعة فحسن؛ لأنه دعاء إلى الصلاة، فيحتاج فيه إلى ذلك لإسماع الجميع، وهذا الأداء لم يستطع سنة الصلاة والفلاح، وهو تحويل الرأس يميناً وشمالاً مع ثبات قدميه لاتساع الصومعة، فأما بغير حاجة، فلا يفعل ذلك، ويؤذن قائماً لما روينا أن النازل من السماء قام على هدم حائط وأذن، ولتوارث الأمة ذلك.
وإن أذن راكباً ففي السفر لا بأس به، ويؤذن حيث كان وجهه، هكذا روي عن أبي يوسف وينزل للإقامة، فأما الأذان والإقامة راكباً في الحضر، فظاهر الرواية أنه يكره أن يؤذن راكباً، وعن أبي يوسف أنه لا بأس به، وإن لم ينزل المسافر للإقامة، وأقام كذلك أجزأه لحصول المقصود، وإن اقتصر المسافر على الإقامة وترك الأذان جاز؛ لأن السفر عذر مسقط شطر الصلاة، فلا يكون مسقطاً أحد الأذانين أولى، وإن تركهما أو ترك الإقامة، فقد أساء.
وذكر في «الجامع الصغير» : جازت صلاته ويكره، ويكون التكبير الأول في الأذان أربعاً الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر وقال مالك مرتين، وهكذا روي عن أبي يوسف في غير رواية الأصول، وقيل: إنه قول الحسن بن زياد، اعتمادهم على حديث أبي محذورة، قال: علمني رسول الله عليه السلام الأذان، وقال الله أكبر مرتين، وقياساً على الطرف الأخير من الأذان.
ولنا: أن النازل من السماء كرر التكبير الأول أربعاً؛ ولأنه لما شرع في آخره مرتين يجب أن يكون في أوله ضعف ذلك قياساً على التهليل، ويختم الأذان بالتهليل لا إله إلا الله عندنا، وعند مالك بالتكبير لا إله إلا الله والله أكبر، وهو قول أهل المدينة، ومن الناس من قال: إذا قال: لا إله إلا الله يقول بعده محمد رسول الله في نفسه، فيسمع نفسه، فمالك قاس الانتهاء على الابتداء، ونحن اعتمدنا على حديث عبد الله بن زيد، وهو حكى أن النازل من السماء ابتدأ بالتكبير وختم بالتهليل.
ولا يرجّع في الأذان عندنا، وقال مالك والشافعي فيه ترجيع، وذلك أن يبتدىء بالشهادتين يريد به أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله يخفض بهما صوته، ثم يرجع إليهما فيرفع بهما صوته، لهما حديث أبي محذورة أن النبي عليه السلام علمه الأذان تسعة عشر كلمة والإقامة سبعة عشر كلمة، وأن يكون الأذان تسعة عشر كلمة إلا بالترجيع، وروي أنه أمره بالترجيع نصّاً:
t
ولنا: حديث عبد الله بن زيد فهو الأصل في الأذان، وليس فيه ذكر الترجيع؛ ولأنه أحد الأذانين، فلا يسن فيه ترجيع الشهادتين كالإقامة بل أولى؛ لأنه زيد في الإقامة ما ليس في الأذان، فلا يحذف عنهما ما كان مشروعاً في الأذان، وأما حديث أبي محذورة، فقد ترك الخصم الأخذ به في حق الإقامة؛ لأن عند الشافعي الإقامة تكون أحد عشر كلمة، فلا يجوز تعلقه به في حق الأذان، ثم إن ما أمره النبي عليه السلام بذلك؛ لأنه