رأى ذلك أعدل للقسمة فعل ذلك، وإن رأى الصلاح في قسمة كل دار على حدة فعل ذلك.
وأما إذا كانا في مصرين، روى هلال الرازي عن أبي يوسف رحمه الله: أن القاضي يقسم كل دار على حدة، ولا رأي له في ذلك. قال القدوي رحمه الله: لو كانت إحدى الدارين بالرقة والأخرى بالبصرة، قسمت أحدهما في الأخرى، وبعض مشايخنا رحمهم الله ذكروا قول محمد مع أبي يوسف فيما إذا كانت الدور في مصرين متفرقين.
لأبي حنيفة أن الدور أجناس مختلفة باعتبار المعنى وهو المنفعة وإن كانت في مصر واحد؛ لأن بعضها يصلح للخزانة وبعضها لا يصلح، ولاختلاف المعاني أن في اختلاف المجانسة، كما في الهروي مع المروي.
ولهذا لو وكله بشراء دين في مصر بعينه ولم يبين الثمن لا يجوز، وذكر الحاكم في «المختصر» أنه وإن بين الثمن لا يجوز ما لم يبين المحلة، والأجناس المختلفة لا تقسم قسمه واحدة إلا باصطلاح الشركاء على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ولأبي يوسف ومحمد: أن الدور في مصر واحد جنس واحد باعتبار الاسم والمكان، فإن الاسم واحد والمكان كذلك، فصارت كالثياب الهروية والمروية، فإنها اعتبرت جنساً واحداً لاتحاد الاسم والمكان، أجناساً مختلفة باعتبار المعنى على ما قال أبو حنيفة رواية، فيفوض الأمر إلى رأي القاضي، فإن شاء مال إلى جنس واحد وقسمها قسمة واحدة، وإن شاء مال إلى الأجناس المختلفة وقسم كل واحدة قسمة على حدة، بخلاف ما إذا كانا في مصرين مختلفين لأنهما جنسان مختلفان لاختلاف المكان، ألا ترى أن المروي مع الهروي اعتبرا جنسين مختلفين لاختلاف المكان.
ومن المشايخ قال: معنى قول أبي حنيفة رحمه الله: العقار لا يقسمه القاضي قسمة جمع، أن الأولى أن لا يفعل القاضي ذلك، وإن لم يفعل الأولى جاز.
وأما المنازل فإن كانت في دور متفرقة أو في دار واحدة وهي متباينة، فالجواب فيها عندهم جميعاً كالجواب في الدور، وإن كانت في دار واحدة فهي متباينة، فعندهم جميعاً تقسم قسمة واحدة.
وأما البيوت فإن كانت في دار واحدة فإنها تقسم قسمة واحدة، سواء كانت متلازقة أو متفرقة، وإن كانت في دور مختلفة فعلى الاختلاف الذي ذكرنا في الدور، وفي كل ما ذكرنا من الدور والمنازل والبيوت لا تقسم قسمة جمع، فتأويله إذا لم يكن معها شيء هو محل القسمة الجمع، أما إذا كان معها شيء هو محل القسمة الجمع يقسم الكل قسمة جمع، ويجعل ذلك الشيء أصلاً في القسمة والدور والمنازل والبيوت تبعاً، وسيأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وإذا كان في التركة دار أو حانوت والورثة كلهم كبار وتراضوا أن تدفع الدار أو الحانوت إلى واحد منهم من جميع نصيبه من التركة جاز؛ لأن عند أبي حنيفة إنما لا