للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجمع نصيب واحد منهم من الورثة بطريق الحصر من القاضي، فأما عند التراضي فذلك جائز.

في قسمة «شرح القدوري» : ولو دفع أحد الورثة الدار إلى واحد من الورثة من غير رضا الباقين عن جميع نصيبه من التركة لم يجز، يعني: لا ينفذ على الباقين إلا بإجازتهم، ويكون لهم استرداد الدار، وأن يجعلوها في القسمة إن شاؤوا، وهذا ظاهر، وإنما الإشكال في أن الدافع هل يأخذ نصيبه من الدار بعد استرداد الباقين، وقيل إنه لا يأخذ.

في «المنتقى» : أراد اثنان من قرابته جمع نصيبهما في موضع واحد من الضياع، لم يكن لهما ذلك في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله، وقال أبو يوسف: لهما ذلك؛ إذ ليس فيه ضرر على من مرّ حوله.

ولو اختلفوا في قيمة البناء، فقال بعضهم: يجعل قيمة البناء بالذرعان من الأرض، ومعنى المسألة: أن الدار والكرم إذا كان بين قوم، وأرادوا قسمتها في أحد الجانبين بناء، فأراد أحدهما أن يكون عوض البناء دراهم، وأراد الآخر أن يكون عوضه من الأرض، فإنما يجعل قيمة البناء بالذرعان من الأرض؛ لأن القسمة إقرار ما هو مشترك بين شركاء الأرض دون الدراهم فمتى جعلنا قيمة البناء بالذرعان من الأرض فقد أقررنا ما هو مشترك بينهما، ومتى جعلنا قيمته بالدراهم فما أقررنا ما هو مشترك بينهما بل حملناها على البيع وللقاضي ولاية القرار لا ولاية الحمل على البيع، ولأن تقويم البناء بالذرعان من الأرض أولى في القسمة؛ لأنه يتعجل حق كل واحد من الشركاء في الحال، ومتى قريناه بالدراهم يتعجل حق الذي يعطي الدراهم، ويتأخر حق الآخر إلى أن يحضر الدراهم ويسلمها، فكان التقويم بالذرعان من الأرض أولى، وإن تعذر اعتبار العادة بتقويم البناء بالذرعان من الأرض قومه بالدراهم.

وإن اتفقوا أن يجعلوا قيمة البناء في الدراهم فلهم ذلك؛ لأن الحق لهم، وإن اختلفوا في الطريق، فقال بعضهم: نرفع طريقاً بيننا، وقال بعضهم: لا نرفع، نظر فيه الحاكم، فإن كان يستقيم لكل واحد منهم طريق يفتحه في نصيبه قسمه بينهم بغير طريق يرفع لجماعتهم، وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقاً بين جماعتهم؛ لأن (٢ب٤) .

حاصل اختلافهم في قسمة قدر الطريق، فالمانع من رفع الطريق يطلب قسمته والآخر يأبى، وقسمته في الوجه الأول؛ إذ لا يفوّت بقسمة قدر الطريق ما كان لهم من المنفعة قبل القسمة.

وفي الوجه الثاني قسمته غير ممكن؛ لأن قسمته تتضمن تفويت منفعة كانت لهم قبل القسمة. ولو اختلفوا في سعة الطريق وضيقه، جعل الطريق بينهم على عرض باب الدار، وطوله على أدنى ما يكفيهم، يعني يجعل طوله من الأعلى بقدر طول الباب، لا إلى البناء، وفائدة قسمة ما وراء طول الباب أن أحد الشركاء إذا أراد أن يخرج جناحاً في نصيبه إن كان فوق طول الباب فله ذلك؛ لأن الهواء فيما زاد على طول الباب مقسوم بينهم، فيصير باباً على ما هو خالص حقه، وإن كان فيما دون طول الباب فإنه يمنع من

<<  <  ج: ص:  >  >>