ذلك؛ لأن قدر طول الباب من الهواء مشترك فيما بينهم، والبناء على الهواء المشترك لا يجوز إلا برضا الشركاء، وأما إذا كان أرضاً يرفع من الطريق مقدار ما يمر فيه ثور؛ لأنه يحتاج إليه للزراعة فلا بد منه، ولا يرفع مقدار ما يمر فيه ثوران، لأن منه بد.
ويقسم القاضي الأعداد من جنس واحد من كل وجه بأن كانت المجانسة مجانسة بين الأعداد اسماً ومعنى، كما في الغنم أو البقر أو المكيل أو الموزون أو النبات قسمة جمع عند طلب بعض الشركاء.
وفي الأجناس المختلفة من كل وجه لا يقسم الأعداد قسمة جمع عند طلب بعض الشركاء؛ وهذا لأن قسمة الجمع في الأجناس المختلفة يتضمن تفويت جنس المنفعة على الآبي، فإنه قبل هذه القسمة له منفعة البقر والغنم والثياب، وبعد قسمة الجمع يفوت عليه بعض هذه المنافع، أما منفعة الإبل والغنم والثياب.
والقسمة متى تضمنت تفويت جنس منفعة على الآبي، فالقاضي لا يقسم، أما قسمة الجمع في الجنس الواحد لا يتضمن تفويت جنس المنفعة على الآبي، فيقسم القاضي.
وإن كان جنساً واحداً من حيث الحقيقة، وأجناساً مختلفة من حيث المعنى كالرقيق، فإن كان معه شيء آخر هو محل لقسمة الجمع، فالقاضي يقسم لكل قسمة جمع بلا خلاف، ويجعل ذلك الشيء أصلاً في القسمة والرقيق تبعاً، ويجوز أن يثبت الشيء تبعاً لغيره، وإن كان لا يثبت بشهود أعرف ذلك في مواضع كثيرة، وإن لم يكن شيء آخر هو محل لقسمة الجمع.
قال أبو حنيفة: القاضي لا يقسمه قسمة جمع، وقالا: القاضي يقسم قسمة جمع هكذا ذكر في «الأصل» : وذكر أبو الحسن على قوله: الرأي في ذلك إلى القاضي، واختلف المشايخ فيه على قولهما بعضهم قالوا: يقسم الرقيق قسمة جمع على قولهما على كل حال، ولا يكون ذلك موكولاً إلى رأي القاضي، وبعضهم قالوا: هو موكول إلى رأي القاضي هما قولان أن الرقيق جنس واحد، إذا كان الكل ذكوراً أو إناثاً من وجه حقيقة وحكماً، أما حقيقة فلا إشكال.
وأما حكماً بدليل: أنه إذا تزوج امرأة على عبد صحت التسمية، كما لو تزوجها على ثوب هروي وأجناس مختلفة من وجه تتفاوت منهم في المعاني قرب يصلح للأمانة، ورب عبد لا يصلح لذلك، ويتفاوتون أيضاً في الذهن والذكاء والعقل والتمييز الذي هو المطلوب من الآدمي. وإذا كان جنساً واحداً من وجه وأجناساً مختلفة من وجه جعلنا الرأي فيه للقاضي، كما في الدور.
وأبو حنيفة رحمه الله يقول: العمل بالشبهين متعذر في حالة واحدة؛ لأن أحدهما يقتضي جواز قسمة الجمع، والآخر ينفي، فيعمل بهما في الحالين، فجعلناه جنساً واحداً إذا كان معه شئ آخر هو محل لقسمة الجمع، وجعلناه أجناساً مختلفة إذا لم يكن معه شئ آخر هو محل لقسمة الجمع، وإنما فعلنا هكذا لتمكننا العمل بالشبهين، لأنا متى جعلناه أجناساً مختلفة إذا كان معه شيء آخر هو محل لقسمه الجمع يلزمنا أن نجعله أجناساً مختلفة على الانفراد من الطريق الأولى؛ لأن من الأشياء ما لا يجوز قسمته على